|


سعد المهدي
للحقيقة أكثر من وجه
2020-06-03
كنت كثير الاهتمام لتأكيد أن للحقيقة أكثر من وجه، وأرى أن ذلك أكثر قربًا لأن يكون صحيحًا لحادثة تمت معايشتها أو رويت ممن تثق في صدقهم، والسبب أن ما يمكن لك أن تطلع عليه فإن آخرين ربما عاينوه من جوانبه الأخرى، أو سمعوه مرويًا من زاوية مختلفة مع أن الواقعة والزمن والأسماء واحدة، فهؤلاء عليك أن تعذرهم وألا تكذبهم لأن الاختلاف في فروع وليس في أصول.
طبعًا هذا يختلف عن الروايات المفبركة ولا ينطبق على الرواة المعروف كذبهم، ولا علاقة له أيضًا بالقصص المحرفة من أجل تحقيق أغراض شخصية. فالذين نعذرهم هم من لم يستطيعوا أو لم يلزموا أنفسهم بأن يطلعوا على صحة روايتهم من كل الأوجه، واكتفوا بالزاوية التي شاهدوا من خلالها الحادثة، واعتبروها كل الحقيقة، حتى وإن كذبوا كل من زاد وأنقص وصحح.
في مجتمعنا الرياضي قصص خالدة على الرغم من أنها مختلقة لا أساس لها من الصحة، وعلى مر تاريخنا الرياضي حكايات في حاجة إلى إعادة صياغة وتصحيح لبعض ما جاء فيها، والسبب لأن الصدق عند الكثير منا هو ما قاله من تستهوينا رواياتهم، وإن ساهمت في تشويه تاريخ شخصيات وكيانات بأقوال مرسلة أو طائشة وحقودة، تحول بعضها مع الوقت والتكرار إلى ما يعتقد مع الأسف أنه حقائق.
ليس بيننا من لم يتوقف عند رواية غير صحيحة أو ناقصة، كان صاحبها يروي بتلذذ ومن يستمع إليه مندهش أو متشفى، وأكثر أبطال هذه القصص من النجوم الذين تركوا الملاعب أو من عملوا في الإدارة أو التحكيم، هذا يروي بطولاته وكيف أنه النموذج الذي لم يقدر ثمن عطائه، ومن يطعن في ناديه أو منافسيه من الأندية والنجوم، أو من يستغفر من ذنوب مظالمة وجميعها قصص محبوكة ولها أهدافها.
كل وسائل الإعلام لا يمكن أن تفوت فرصة أن تستثمر في شخصية أو نجم يريد أن يتذكر كشاهد على مرحلة، أو يفضفض عن مشاعر ولو كريهة ضد آخرين، أو نشر غسيل، إلا أن ذلك يجب أن يتوقف إذا ما كانت رائحة الكذب فيه فاضحة، أو تكرار ممل في استهداف خصم، والأهم أن نقتنع “بأن الحقيقة أشبه بهرم متعدد الأوجه لا يستطيع أحد أن يرى جميع أوجهها في آن واحد وهو واقف في مكان واحد” فما بالك إن كانت كذبًا وادعاءات.