|


رياض المسلم
ماذا لو لم يغادرنا كورونا؟
2020-06-16
سائق متهور لا توقفه إشارة ولا يحترم الأنظمة و المارة.. طباخ في مطعم شهير ظاهر أكله الجودة وباطنه يجعلك تقطع معه حبال المودة ولا تفكر في العودة.. صاحب بقالة يتلاعب بتاريخ الانتهاء، هوايته الإيذاء.. صديق يعشق مصافحة الأحبة والأعداء إلا صنبور الماء.. مصاب بالإنفلونزا في المصعد يضغط بيديه الملوثة على الدور “12+” ليس لأنه سينزل فيه لكنه الفضول، لماذا لم يضعوا الرقم 13؟.. هوايته اللمس رغم أنه يفترض أن يتعامل بالهمس..
أمور عدة تتلاعب بعدادات حياة الكثير مثلما كان يفعل المخالفون بعدادات سيارات التأجير قبل أن تتحول إلى إلكترونية، وحتى لو اخترت أن تمشي “جنب الحيط”، لوجدت من يحاول أن يسقطه عليك.. هي الحياة البشرية، فهناك إنسان مفترس يواجهنا فور خروجنا من المنزل لا تربطنا به أي علاقة، فقط جمعتنا الأرض والصدفة..
لو أحصت وزارة الصحة عدد إصابات فيروس الإنفلونزا أو الأمراض المعدية الأخرى بسبب إهمال المصابين والمهملين لأصبحنا نضع أيقونة الحاسبة في مفضلة أجهزتنا الإلكترونية.. وحتى إن لم تعلن، فيكفي مشاهدة أرقام ضحايا الحوادث المرورية الرسمية..
وهنا يبرز السؤال: ماذا لو لم يغادرنا كورونا حتى مع فتح الرحلات الدولية وقرر أن ينضم إلى قائمة المخاطر المحيطة بنا في حياتنا؟
لخّص الكاتب الصحافي الكبير عبد الرحمن الراشد واقعنا مع الجائحة بعد أن تجمعنا الأقدار في مواجهتها في مقال كتبه بعبقرية، أستقطع منه مرغمًا أسطرًا عدة، فذكر في عموده “الشرق الأوسطيّ”: “بعد التخلي عن الحجر ومع استمرار الوباء كيف يمكننا مواجهة الخطر؟ بالوعي والتعامل الحذر. مثله مثل حوادث السيارات، لو توقفنا عن القيادة لانتهت حوادث الطرق، لكننا لن نمتنع وبالتالي الحل أن نربط حزام الأمان ونلتزم تعليمات السلامة”.
أدعو الجميع لقراءة المقال التوعوي والواقعي الذي لم يغلفه بكلمات رنانة أو يبحث عن المفردات، لكنه وصل إلى الجميع من أسهل الطرق وأدلّها..
منظمة الصحة العالمية، تملك أرقامًا مخيفة في الإنفلونزا وما شابهها، لكن قائدها ذا الوجه “العبوس”، ومن داخله يبتسم لاستمرار الوباء، فبقاؤه مدة أطول يعني ضمان منظمته جني أرباح مادية ومعنوية وحضورًا قويًّا، فرأسه يناطح رؤساء دول.. في ترامب عبرة..
التعايش مع كورونا بات واقعًا، وبعد أيام نستعيد حياتنا الطبيعية بعد أن انتهى درس الفيروس.. وهو ليس بالطبع الدرس الذي تلقاه محمد صبحي في منتصف السبعينيات الميلادية..
سنخرج من بيوتنا ونمارس أعمالنا، ولكن بحذر، معقماتنا في جيوبنا وكماماتنا تغطي نصف وجوهنا، ومسافة المترين نعتمدها مع من يحبوننا أو يكرهوننا.. تلك هي الحياة بحلوها ووبائها..