|


بدر السعيد
تراها كورة
2020-06-20
منذ الصغر ونحن نشاهد ونسمع ونلاحظ الدور الكبير الذي يقوم به كبار السن أو كبار المجالس وعقلائها في إيقاف الجدل الرياضي المحتدم الخارج عن إطار الاحترام والهدوء.. ولا يمكن أن نلغي أدوارهم في منع التشنجات العاطفية الرياضية بين المتنازعين.. ولا يمكن أن ننكر وقوفهم في وجه النزاعات قبل وأثناء حدوثها خشية أن يتطور النزاع والاختلاف الجماهيري إلى خلاف يصعب حلّه وعلاجه.
كانوا ولا يزالون أولئك الكبار والعقلاء يستخدمون تلك الجملة الدارجة “تراها كورة” في إشارة واضحة للتقليل من قيمة مسببات الخلاف والاختلاف كونها لا تمثل سبباً وجيهاً يمكن أن يحدث شرخاً في العلاقات أو أن تسقط بسببه القيم والمبادئ واحترام الآخرين..
جميع ما سبق من تقديم أتفهمه جيداً وأتفهم موقف الكبار يوماً بعد يوم في استخدامهم “الحسن” لجملة “تراها كورة” كمفتاح لتهوين المشكلة وتسطيح الموضوع لمجرد وصفه بأنه “كورة”.. بل أجد لهم ألف عذر ومبرر في استخدامهم للجملة كما هي.. أما ما لم أفهمه حتى الآن هو ذلك الاستخدام الخاطئ لتلك الجملة أملاً في الحصول على تهدئة مشابهة لمواقف وقضايا كان محورها الأساسي هو “الكورة” لكن مضاعفاتها وتبعاتها تتجاوز ذلك بكثير..
تخيل معي ذلك المشهد المتكرر – للأسف – في محيطنا الرياضي الجماهيري والإعلامي حين يقوم أحدهم بسب وقذف عباد الله أواتهامهم في ذممهم وأمانتهم.. أو الإساءة لهم ولأهلهم.. أو تقديمهم بشكل وصفة مزعجة ومستفزة فيها انتقاص منهم ومن كرامتهم.. وهي التصرفات التي تستدعي “تجريم” صاحبها ورفع دعوى قضائية عليه كردة فعل طبيعية تكفلها الأنظمة والقوانين والضمائر قبل كل ذلك.. وهنا يأتي من يحاول أن “يتوسط” في إيقاف الدعوى القضائية أو أي من خطوات التقاضي تجاه المخطئ.. حينها يأتي الاستخدام الخاطئ لنفس الجملة فيقول “الوسيط” لصاحب الحق: “تراها كورة” أملاً في إيقاف دعواه القضائية أو التنازل عن حقه الشرعي المكفول..
هنا فقط علينا أن توقف لنقول: هي ليست “كورة”.. بل هي أعراض وحقوق بشرية كفلها الله ـ عز وجل ـ لخلقه ثم كفلت الأنظمة والقوانين حفظها ورعايتها كما كفلتها الأعراف والقيم والمبادئ.. هي ليست “كورة” وأنت تتجاوزها لتسب وتتهم وتقذف وتكذب وتتجنى.. أبد ليست “كورة” بل هي سوء تربية وسوء أخلاق يجب إيقافها بالنظام والقانون لأن الإساءة ليست “كورة” وأعراض الناس ليست “كورة” والكذب والتدليس والتخوين والرشوة كلها تجاوزات و جرائم حتى إن كانت دوافعها “الكورة”..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..