|


بدر السعيد
صدقني تقدر
2020-06-27
أعلم أنك تحب كرة القدم لكني أجهل ما تحبه فيها.. وأجهل ميولك وانتماءك وهوية فريقك ونجومك المفضلين.. وبالطبع لن ألومك على عشق أنت اخترته لنفسك وليس من حق أحد أن يصادر حقك في ميولك وتفضيلات عقلك تجاه من تشجع وإلى من يميل قلبك وتنحني مشاعرك.. ففي قاموس الحب والعشق أنت حر في اختياراتك.. ولكن هل من قوانين الحب أن تثبت كراهيتك لمنافسك..
هل جربت يوماً أن يبقى قلبك مصنعاً للحب فقط.. صدقني أنه بإمكانك أن تعشق من تريد دون أن يكون لزاماً عليك أن تقرن محبتك بالكراهية والعداء.. صدقني أنك تستطيع أن تبالغ في محبة الأرجنتيني “ليونيل ميسي” دون أن تكره البرتغالي “كريستيانو رونالدو” بنفس الدرجة والطريقة التي تستطيع من خلالها أن تشجع “اليوفي” دون أن تكره “الميلان”.. وبنفس الأسلوب الذي يمكنك من خلاله أن تمتدح “أليكس فيرغسون” دون المساس بشخصية “يورجن كلوب”.. صدقني تقدر..
أنا هنا لا أتوقع من المشجع أن يزرع محبة منافسه في قلبه فهذا بات في قائمة المستحيلات لكني لا أطلب الصعب أو المستحيل حين أتوقع منك ألا تكره منافسك.. أن تعامله معاملة المنافس الميداني وليس العدو البغيض.. صدقني أنه بإمكانك أن تتخلص من كل ذلك الكم من الكراهية والحقد والإساءة تجاه من ينافسك “رياضياً” ما لم يحدث منه ضرر أو تعدٍّ تجعله ينتقل من تصنيف “منافس” إلى تصنيف “عدو”..
صدقني أنك تقدر على تجاوز كل ذلك الاحتقان ولكن بشروط.. حين تفكر “أنت” ولا تجعل غيرك يفكر بالنيابة عنك.. حين تستخدم ذلك الجزء المهم من جسدك والذي يدعى “الدماغ” فتجعلها فارزًا وممحصاً لكل معلومة أو خبر أو قصة قرأتها أو سمعتها.. نعم أنت تقدر حين تجعل عقلك يعالج كل تلك الأفكار ويتأكد من صحتها و”ثبوتها” قبل أن تتعامل معها كـ”واقع”، بينما هي “وهم” ساقه لعقلك أولئك الذين يهمهم تجييشك في صفوف الكارهين..
صدقني تقدر وحينها ستكون في نعمة تستحق الشكر والمحافظة عليها.. وإن لم تستطع فارحم نفسك وضميرك وصحتك من أن تكون آلة ناقلة لأفكار بالية ومعلومات كاذبة وفرضيات وهمية لم تحدث إلا في خيالات “ثقافة الضجيج” التي ملأت الشاشات والإذاعات بسيل الكذب والتجني والتلفيق.. ارحم نفسك حين تنتهي حياتك وقد حملت أوزار الكذب والاتهام الباطل والعداء التي لن تطيق تبعاتها..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..