|


رياض المسلم
مزرعة بصل في حقيبة مسافر
2020-07-22
“القوس قبل الغوص” مقولة يطبقها الباحثون عن الاتزان في حياتهم، ولا يتركون للصدف بابًا مفتوحًا، ولكن عندما تقف في طابور شحن الحقائب في المطار، تتعرف على مخالفيهم، فتشاهد نقاشًا ناعمًا بين الموظف والمسافر، قبل يكشران عن أنيابهما، وينتهي بفتح الحقيبة ليستغني الأخير عن بعض مقتنياته حاملاً إياها في يده ليوقف كلمة الوزن زائد..
صديقي جميل ومنظم، لا يترك للخطأ مجالاً، في إحدى السفرات الخارجية وزن حقيبته في المنزل قبل الاصطفاف في طابور معارك الوزن الزائد، وعندما وصلنا إلى الموظف تفاجأت بأنه يفتح الحقيبة، فسألته السبب فلم يجب، متمتمًا بكلمات غير مفهومة لكنني التقطت جملة “الله يهديها أم العيال لا يكون ما حطّته في الشنطة؟!”.. وفجأة قفز من الفرحة بعد أن وجد ضالته.. وإذا هو يخرج حزمة من البصل الأخضر والأبيض والأصفر، وألوان جديدة عليّ، أخرجها ليحملها في حقيبته التي ترافقه في الطائرة..
طلبت منه أن يوضّح لي عن مرافقة أقدم الخضار لنا في الرحلة، فأجاب بأن البلد الذي سنتوجه إليه قد يكون هناك فيروسات لذا عليه أن يتناول كميات من البصل قبل النزول من الطائرة.. تمنيت لو كانت سياسة التفريق بين المقاعد في الطائرة بسبب جائحة كورونا طبقت في ذلك الوقت..
صديقي، قبل أن يلتهم وجبته “الطبية” التي صرفها “بروشتة منزلية”، كشف عن فوائد البصل في السفر رغم أن معلوماتي البسيطة عنه تقودني بأن خضارًا يدخل في معظم الأكلات الدسمة وحدوده لا تتخطى الحلل في المطابخ، وقبلها المزارع، ولكن صديقي جعله من مقتنيات السفر.. تناول البصل بألوانه، وكم تمنيت أن “أم عياله وضعت في الحقيبة أيضًا طنًّا من اللبان”..
في منتصف الرحلة الخارجية، تعرض لوعكة صحية بسبب تغير الأجواء، فسألته هل أذهب به إلى المستشفى أو سوق الخضار؟!
اعتقاد بعضهم أن هناك فواكه أو خضراوات قد تقيه من الإصابات بالفيروسات وانتقالها إليه، أمر خاطئ، فليس هناك أفضل من الإجراءات الاحترازية حتى في زمن ما قبل كورونا وبعدها، فنلحظ أن الكثير من المسافرين يتعرضون لوعكات صحية ويرمون بالتهم على البلدان لكنهم لم يحتاطوا باتباع الإرشادات الصحية..
لو أخذ صديقي معه كمامة ومعقمًا وحرص على نظافة يديه، لتجنب الإصابة، وجنب المسافرين على متن رحلة الذهاب رائحة البصل، وليته تركه في المنزل لفرح به المطبخ وزوجته..
على الرغم من التعقيم المستمر في المطارات إلا أنها تعد الأكثر تشبعًا بالفيروسات، فاتباع التدابير الوقائية خير وسيلة لعدم الوقوع في مصيدتها، وليس بصل صديقي..