|


مساعد العبدلي
رحل طبيب الغلابة
2020-07-29
ولد محمد مشالي عام 1944 في أسرة بسيطة “والده معلم ووالدته ربة بيت” في إحدى قرى محافظة البحيرة “غرب دلتا مصر”، وانتقل مع والديه إلى مدينة طنطا، حيث نشأ هناك وتلقى تعليمه حتى أنهى المرحلة الثانوية.
ـ كان شابًا طموحًا لم يتوقف عند الشهادة الثانوية، بل غادر طنطا نحو القاهرة حيث التحق بكلية طب القصر العيني.
ـ كان أحد أساتذته في الجامعة يقول “من يريد أن يكون ثريًا ويمتلك عزبة أو عربية فعليه أن يعمل في مجال الاستيراد والتصدير، أما مهنة الطب فلا تمنحك سوى دعوات الفقراء”.. تأثر كثيرًا بما سمع وقرَّر ألا يبحث عن عزبة وعربية ولا أن يكون ثريًا، بل أن يهتم بالفقراء مثلما أوصاه والداه.
ـ تخرج محمد مشالي عام 1967 وبات “الدكتور محمد مشالي”، وبدأ عمله في أماكن ريفية يعمل سكانها بالزراعة، حيث تنتشر أمراض البلهارسيا والإنكلستوما، بينما لا يجد الناس ما يكفي لعلاجهم فتطوع هو لعلاجهم.
ـ كانت نقطة التحول في حياته معاناة طفل أشعل النار بنفسه بسبب عدم قدرة أسرته على توفير قيمة حقنة الأنسولين، وقالت له أمه “إذا اشتريت لك الحقنة فلن أجد ما يكفي لشراء الطعام لبقية أخوتك، فصعد الطفل للسطح وأشعل النار” وعرف الدكتور بالقصة.
ـ من يومها قرَّر الدكتور مشالي أن يتفرغ لعلاج الفقراء والمساكين بمبالغ رمزية قبل أنها وصلت إلى جنيهين وخمسة جنيهات وتصاعدت وصولاً إلى 10 جنيهات خلال الفترة الحالية، بل كان لا يأخذ قيمة الكشف ممن لا يملكها.. هذا في وقت كانت تكاليف الكشف لدى بقية الأطباء والمستشفيات في مصر قد تصل إلى مئات الجنيهات!
ـ بل إن الدكتور مشالي “بحكم عمله كطبيب” كان يتلقى من شركات الأدوية بعض العينات من الأدوية، وكان يوزعها “مجانًا” على المرضى.
ـ أنشأ من أجل الفقراء والمحتاجين 3 عيادات يستقبل ويعالج فيها يوميًّا قرابة 100 مريض، وتلقى الدكتور مشالي مبلغ مليون جنيه من إحدى الجهات ليخصصها لعلاج الفقراء، إلا أنه رفض المبلغ وقال لا أحتاجه وهناك جهات خاصة تستقبل مثل هذه الهبات.
ـ ما قام به الدكتور محمد مشالي إنما يمثل الإيمان برسالة الطب والطبيب.. أسماه الناس “طبيب الغلابة”.. توفي طبيب الغلابة قبل يومين وترك لدى الناس “أكبر كنز” السمعة الطيبة ودعاء الناس.
ـ عيدكم مبارك وعساكم من عواده.. أعود لكم الثلاثاء المقبل بعد عيد الأضحى المبارك.