|


بدر السعيد
غرّد وسأعرفك
2020-08-02
لا أشك أبداً في أن شخصيات المشجعين “غالبًا” ما تكون امتدادًا فكريًّا لأسلافهم ممن سبقوهم في تشجيع ذات الفريق، وهي كذلك انعكاس مقارب لتوجهاتهم وثقافتهم الرياضية في الحب والاختلاف وفي التحليل والامتعاض والقبول والرفض، وغيرها من أشكال التعبير عن الرأي والذات..
ولأن التشابه بات نمطًا قريبًا من السائد، فقد وصلت لمرحلة متقدمة استطعت معها أن أتعرف على ميول المغرد الرياضي بنسبة دقة تصل إلى 90 في المئة تقريباً، وهذا لا يدل على قدرتي الفائقة على التمييز بقدر ما أن هناك وضوحًا تامًّا في لغة وأدبيات كل مدرج..
فئات مختلفة من البشر تعبر عنهم تصرفاتهم وأقوالهم لتضع هذا وذلك في تصنيفه المناسب له وفقاً لميوله.. فهناك من يحركه حب فريقه وعشقه وهناك من يحركه كره المنافس.. هناك الساعي لنقد وإصلاح أخطاء فريقه وهناك الباحث عن التشفي لكل زلة يقدمها منافسه، حتى إن تطلب الأمر تصوير الحسنات إلى زلات، المهم أن يشوه صورة منافسه وحسب..
هناك المتميز في استخراج قراءة “علمية” تحليلية لأرقام وأداء فريقه وعناصره وهناك المشغول بتلفيق الأكاذيب ونسج القصص الوهمية التي توافق رغباته وتعزز من ركائز عشقه القائم على ادعاء المظلومية وإتقان أدوار التباكي..
هناك من يهمه تطبيق الأنظمة واللوائح ويعزز من نشر ثقافة الانضباط.. وهناك من يصارع جاهداً في سبيل تقويض كل نظام لمجرد احتمالية تعرض فريقه أو أحد عناصره للعقوبة..
هناك من يتباهى بإنجازات فريقه ويوثقها صوتاً وصورة.. وهناك من أضاع وقته في البحث عن تصميم وقصاصة يروي بها عطش الإنجازات..
هناك فئة تفكر وتختلف فيما بينها في الرأي باتجاه مصلحة فريقها.. وهناك فئة لا تبذل أي مشقة في التفكير، إذ إن الأفكار تصلها جاهزة ومعلبة وما عليها سوى ترديد ما يصلها دون تدبر.. حتى في انتقاء المفردات ولغة النقاش التي تسود إدارات تلك الفرق وإعلامهم ومشجعيهم تجدها متطابقة بنسبة كبيرة.. أسلوب تحليلهم للمواقف متشابه.. هناك من يخاطب الفكرة ويناقش حيثياتها، وهناك من يشخصن النقاشات باتجاه الإساءة لمن يخالفه الفكرة والرأي.. وفي العلاقة والتعاطي مع لغة العلم والتقنية والتطور ومواقفهم منها في مواضيع مثل توثيق البطولات ومكافحة المنشطات وتقنية VAR.. حتى تعريفهم للمصلحة العامة متشابه هو الآخر..
وبين كل هذه الفروقات في ردود الأفعال لن تجد صعوبة في معرفة وتصنيف كل مشجع أو إعلامي لمجرد قراءة ردّه أو تعلقه تجاه أي حدث..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..