|


أحمد الحامد⁩
كلام في الإعلام
2020-08-03
من الطبيعي أن تقوم قنوات التلفزيون بإنتاج برامج وفقرات مخصصة للسوشال ميديا، لأن المشاهد أصبح يتابع ويستخدم وسائل السوشال ميديا عدة ساعات كل يوم، وما تفعله القنوات التلفزيونية يصلح أن يسمى بالتعايش مع التغيير الذي حصل في العشر سنوات الأخيرة.
وهذا التعايش هو أفضل ما تفعله القنوات لضمان بقائها، لأن النجاح في التكيف لا في المكابرة، وفي معرفة حقيقة الواقع لا في التمسك بما هو ماض لا مكان له في وقت تقدم فيه التقنية وسائل إعلامية جديدة بشكل يومي، ذهب الزمن الذي كان المشاهد يمسك بيده ريموت الكنترول لعدة ساعات، واستبدل الريموت بهاتفه وأصبح يختار ما يريد مشاهدته هو لا ما تفرضه عليه القنوات كما في السابق، وهذا ما صنع تحدياً كبيراً للقنوات التلفزيونيه التي خرج بعضها من السباق لأنها لم تنتبه بأن الزمن أصبح زمن الوسائل الإعلامية مجتمعة لا زمن الوسيلة الواحدة، كالتلفزيون أو الإذاعة أو الصحيفة، قوة السوشال ميديا فرضت نفسها كواقع جديد وخيار أول لقوة التوجيه والتأثير، في البرازيل هناك 91 مليون مستخدم للإنستجرام، وفي الهند 100 مليون، وفي الولايات المتحدة 130 مليونًا، وتقارب هذه الأرقام عدد المستخدمين في تويتر مع اختلاف النسب في بعض الدول، لكن الأرقام في معظم الدول هي أرقام مليونية، قوة هذه الوسائل الجديدة يفوق كل ما عرفناه من وسائل تقليدية، لأنها لا تتعثر بعوائق اللغة ولا بتكلفة الإنتاج ولا بطريقة الوصول، قبل مدة كشف صاحب أحد الحسابات على تويتر أرقام مشاهدات الفيديوهات التي غرد بها وعدد المتابعين الذين قرؤوا تغريداته، كانت أرقامه تتجاوز أرقام بعض القنوات التلفزيونية التي انطلقت قبل أكثر من 20 عامًا، خرجت بعض القنوات التلفزيونية من المنافسة لأنها أصرت على أن تبقى على تقليديتها ولم تستثمر كل إمكانياتها الكبيرة في تقديم مادة تصلح لمتابع وسائل السوشال ميديا، وذهب زمن المجلات لأنها لم تحول صفحاتها إلى مرئية، وضعفت بعض الإذاعات لأنها تعاملت مع هذه الوسائل كما تتعامل مع المستمع الذي يستمع إليها عبر راديو السيارة، كل هذا التغيير من مصلحة المتلقي، كما أن فيه إنصافًا لأصحاب المواهب الذين وجدوا في هذه الوسائل مكانًا مناسباً لإظهار قدراتهم الإعلامية، وصار الواحد منهم ينافس قناة فضائية، ويتفوق عليها في بعض الأحيان.