|


سعد المهدي
أكبر من الجميع
2020-08-04
الهلال والنصر الناديان ليس هما من يظهر على وسائل الإعلام والسوشال ميديا، أوضح صورة لعلاقتهما ببعض ما يكونان عليه على أرض الملعب، حتى من يتحدث باسمهما من أعضاء وإدارة ومدربين ولاعبين لا يمثلون إلا الظرف الزمني، أو اللحظة التي مكنتهم أو فرضت الحديث باسمهما أو نيابة عنهما، النصر والهلال الكيانان أكبر من الجميع.
ذهب من كانوا يمثلونهما ويمثلهم، الذين لا يمكن فصلهم عنهما، من يجوز استخدام أسمائهم دلالة على النادي، والنادي كناية عنهم، العشاق الأبديون والآباء المؤسسون، هذه ليست دعوة للعيش في الماضي ولا حرمان الجدد من حقهم في ممارسة عشقهم، هذا الخطأ الجسيم يمارسه الكثيرون من المستجدين أو الطارئين على المجتمع الرياضي، ويفعله بعضهم بقصد إسقاط ما لا يعجبهم من حقائق التاريخ، أو من يريدون الإبقاء على أسماء على حساب غيرها لأغراض شخصية، أو مصالح خاصة.
النصر والهلال دون أن نرفق معهما سيرة كل منهما “التأسيس، ظروف النشأة، التاريخ، السجل البطولي، الشخصيات، النجوم والأجيال، نتائج مواجهتهما” من لا يعرفها يمكن له أن يبحث، وما لا يعجبه فيها يجوز له أن يغمض عينيه عنها، دون أي من ذلك هما فخر العاصمة وممثلاه اللذان تناوبا على جلب الفرح لشوارع وحواري الرياض، من تربت أجيال الستينيات والسبعينيات الميلادية على قوانين تنافسهما، وكرم إنجازاتهما، وبريق نجومهما، وعظمة رجالهما.
هذه العلاقة التنافسية الممتدة لأكثر من خمسة عقود، يريد بعضهم أن يختزلها في بعض الأسماء، أو يؤرخها بما يرغب من الأحداث، أو يستعيد ذكرياتها بما يشتهي من النتائج، والأخطر من يوحي أنها كانت عدائية تفتقد شرف المنافسة، وفروسية التنافس ومن استغلها ليسجل اسمه في تاريخها كفاعل مؤثر بالرغم من أنه شارك يومًا مثل آلاف غيره، أو آخر يجهل أن التاريخ لا يحفظ إلا الحقائق، أما التزييف فيذهب جفاء إن عاجلاً أو آجلاً.
حكاية الهلال والنصر تستحق أن تروى بعلاماتها الفارقة، بالذكريات الشجية بالتفاصيل البريئة، ببساطة إنسانها الذي تثير فيه رائحة الماء المرشوش على تراب الملعب شهية اللعب والإبداع، وتتسامى روحه عن لؤم المماحكة، وتأنف نفسه عن الكراهية فتجمعهم بعد كل مواجهة ليال السمر، وصباحات العطايف والفوطة والناصرية والخزان وعليشة والحلة تغمرهم مشاعر الاعتزاز بناديهما ونجوميتهما والوعد يتجدد للتحدي على أرض الملعب مرة تلو الأخرى.. ما يحدث بين من يدعون وصلاً بهما “ترززًا” واسترزاقًا هما منهما ومنهم براء.