|


تركي السهلي
سلسلةٌ صفراء
2020-08-04
النصراويون لا ينقطعون. يتواصلون في العطاء للأصفر كمملكة نمل. سلسلةٌ طويلةٌ من الدعمِ وحب جارف لا يتوقّف. وهذا الأمر أوجد حالة من الحنق عند غيرهم فرموا إلى أن هناك “رجلاً خفيًّا” يفوق فيما يقدّمه مشروع التمكين الشامل لكل الأندية في وصول منهم إلى مستوى متقدّم من الضياع الفكري والموضوعي وتقدير الأمور.
والحقيقة أن ذلك معلوم بالنسبة للعارفين، إذ لم يكن هناك عقل مُنصف مُدرك للحقيقة منهم ودأبوا على قلب الحقائق وتغليف أي تصرّف نزيه بغير ذلك. وهذه مشكلتهم المزمنة وعقلهم الجامد غير القادر على القراءة السليمة للمواقف. رحمهم الله برحمته وأوسع عليهم من فضله وأرشدهم إلى حيث الراحة والسكون النفسي.
أبصر النصر النور لأول مرّة في العام 1955م وجمع من حوله كُل مُحِب للجمال والوضوح في اللون والمنهج، وساهمت تركيبته الاجتماعية في أن تكون جاذبة لأكثر من طيف فغدا طعماً مُستطاباً كما مذاق القهوة في مجلس رجل كريم.
والحُب لا يتبدّل في النصر وإن كان العطاء كالإيمان يزيد وينقص، إلا أن العمل في الضخ المالي كان مُتجرّداً سنين طوال من الأهواء والمصالح والنوايا المؤقتة. لا أحد يتقدّم خطوة ثم يتراجع وإلا احترق بنار الجماهير. في الأصفر العظيم الممتدّ الهائل مشاعل نور تقوده إلى حيث الرؤية الكاملة. تماماً كالمدينة المسوّرة المُحصّنة حين يحِلُّ بها الظلام يخرج سكانها حاملين القناديل إلى حيث ساحة الحُريّة فيجدون الكِبار أوّل الصفوف.
من يجهل العظماء في من جعل الجزيرة العربية شعاراً له وكذلك الفارس المُخلّص، عليه أن يقرأ القائمة الطويلة منهم، وسيجد أن النصر لم يكن يوماً علماً عابراً يرفرف من الهواء فقط ولا جداراً مبنياً بسواعد قوّية، بل سارية طويلة يراها كُل من به ضعف. اليقين حينها سيكون أن هذا العاصمي الكبير مولود من رحم العاصمة فعلاً، من بيوتها الطينية المتينة.. من الطرق الرملية و”الدروازة” وروائح البخور في “الثميري”.. من المشالح والقصور وعمّال النهار.. من الخيل واللّيل وفرسان الحماية.. من النخيل والماء الرقراق.. من البيت المغزول بأيدي فاتنات الصحراء.. من الشعر والرقص والمآذن.. من الشَعرِ المجدول فتياتٍ وفتيان.. من الثياب القصيرة رجال فقط.. من الرموز والكنوز.. من الزيّ المنسوج للفرحين والفرحات في الأبعد.. حيث البحر شرقاً وغربًا، والجبل والساحل جنوبًا.. وحيث التاريخ العروبي شمالاً. من الّذي يُفرِّغ النصر بعد كل هذا ويرميه في مجاهل خفيّة؟ أخبروه الآن.