|


أحمد الحامد⁩
كالنجم لاح لناظر
2020-08-07
من أجمل ما في التواضع أنه يبقيك متزنًا، لا يخدعك كما يفعل الغرور عندما يضاعف حجمك كذبًا ولا تكتشف كذبه إلا عندما تجد نفسك في عاصفة وأنك مجرد عصفور، التواضع يهيئك لمتغيرات الحياة إذا ما شح الزمان، ويجعلك لائقاً إذا ما أقبلت الدنيا، قال البحتري:
تواضع تكن كالنجم لاحَ لناظر
على صفحات الماء وهو رفيعُ
ولا تكُ كالدخان يعلو بنفسه
إلى طبقات الجو وهو وضيعُ
ومن أجمل ما في التواضع أنه يجنبك الندم على من تكبرت عليه وهو أكبر وأعلم منك، التواضع خط دفاع أمام الجهل، يقول أحد رفاق العمر إنه وبعد سنوات طويلة من الدراسة في إحدى الجامعات البريطانية، صار كثيراً ما يستخدم الكلمات الإنجليزية أثناء حديثه باللغة العربية مع كل العرب الذين يلتقيهم، خصوصاً مع رجل عربي ستيني كان لا يستخدم الكلمات الإنجليزية أثناء حديثه مع العرب، وكان يفضل الاستماع على الحديث، ويجيب عن الأسئلة دون أن يسأل، يضيف الصديق بأنه وبعد مدة سأل الرجل عن عمله فاكتشف أنه أستاذ أدب إنجليزي في جامعة بريطانية عريقة..
لماذا أضرب الأمثلة بالآخرين وأنا موجود؟ فإذا حضر الماء بطل التيمم، أنا أيضاً ركبت موجات الغرور وكانت مصدر العديد من أخطائي، خصوصاً تلك التي لا أحب أن أتذكرها ولا أستعيدها لشدة خجلي منها، لا أذكر أنني شعرت يوماً بأنني أجيد أمراً إجادة كاملة حتى سقطت بخطأ يعيدني إلى رشدي، بل يثير الشك في نفسي ويهز توازني، في إحدى الزيارات التي عدت بها من بريطانيا تعرفت على بائع كتب في إحدى الدول العربية، وكنت أثناء حديثي معه عن محتوى بعض الكتب التي قرأتها أو عن كاتب ما أقوم برمي بعض الكلمات الإنجليزية كدليل على ثقافتي وتأثري بالمناخ الإنجليزي الفريد، بعد عدة زيارات للمكتبة والكثير من الكلمات الإنجليزية التي أقحمتها في حديثي مع بائع الكتب، تفاجأت بأنه معلم للغة الإنجليزية للمرحلة الثانوية، ثم قبل وداعي الأخير له قدم نصيحته لي بكل ود أخوي، وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى قائلاً: “من الأفضل ألا تستخدم المفردات الإنجليزية أثناء حديثك باللغة العربية لأنك تخطئ في نطق بعضها وتستخدمها في غير موضعها، وقد لا تجيد القواعد في بعض الأحيان”، ثم ربت على كتفي محاولاً أن يهون عليّ وعلى ما قد يلحق مشاعري.