|


تركي السهلي
إيقاف التدحرج
2020-08-09
لا يمكن اعتبار مسابقات كرة القدم أداة لهو، ولا صواب في أخذها نحو هذا الاتجاه. وإلا أصبحنا نتعامل معها على أساس سطحي. الأكيد، أننا يجب أن نأخذها على محمل أكبر بكثير من كونها مجرّد لعبة.
كما أننا لا بد أن نُنحِّيها عن ميدان التجاذبات القائم على التصنيف وتوزيع المغانم والمماحكات الضيّقة. المساحة واسعة جداً ولا عدل في جعل الطريق لا يتسع إلا لمن يضع قدمه بالقوّة. وعلينا بكل دأب وحزم أن نطرد كُل من يرى نفسه فوق الجميع. فنحن خُلقنا لنتساوى في الهدف وإن اختلفت ألواننا. ومزيد الصبر على الأذى يعني إطالة أمد الضياع وغياب الوصول إلى المنشود. والمُعتقد الراسخ، أن لا مشكلة من فوز طرف على ركن، ومن فرحة فصيل على مكوّن كامل، فهذه معادلة تحدث أحياناً، ولا ضير في ذلك. لكن الألم الحقيقي، حينما ندفع عربة باتجاه الأعلى، بينما نمهّد لأن تذهب ثانية نحو المنحدر، لأننا في هكذا وضع، لن نستطيع ضبط الخطاب وإيقاف تدحرجه إلى الانفلات. واللغة العقلانية تصدر حينما نُصدّر صاحب الأرضية الصلبة حسن السمعة المُتمكّن من نسج الأحرف ورصّها في لوح واحد مصقول بعناية. ولا يمكن الوصول إلى الشريحة الأكبر من الناس وحدوث التأثير ونحن نعتمد على بائع ضمير مشوّه حقائق بذيء اللسان متلوّن الوجه والمواقف. هُنا نحن كمن يبيع الذهب بمتخصص في عرض الأعلاف.
والواقع الذي يجب على الجميع الانخراط في تفاصيله أننا أمام مشروع عملاق من البناء يحتاج إلى كُل السواعد القويّة لا تلك التي اعتادت على حمل الطوب ووضعه في طريق المارّة، ثم القفز فرحاً بالتعثّر والسقوط. هذه الأيدي لا بد من قطعها أو على الأقل كفّها كي لا يصيبنا التأخير في مسيرة النهوض الكبرى. نحن أكبر من خطيب شارع ومفردات انتهازي.
وأرى أننا في ظلِّ الأصوات الحاليّة، في حال التباس، وعدم اتضاح للمفهوم، وسنبقى على هذا التأرجح طالما لم نُحدد منبرنا السليم. وعلينا أن نُحدد لغتنا الفصيحة الآن، وأن نُعزّز لها عبر الاختيار الصحيح، وأن نؤسس لجيل قادر على الربط بين كل المعطيات واعتبارها الاعتبار الدقيق حتى لا نستمر أسرى للكلام القاصر الذي لا رشد فيه ولا اهتداء منه.
اليوم، لا أحد يقبل أن تستقوي عليه بغيرك، والمواجهة لا تليق بين الواقعين في دائرة واحدة، ولن تنفتح الأذن وتتسع العين والمتحدث مُتبدّل والمرئي صغير الحجم. كُلّنا تحت ظلِّ شجرةٍ مُباركة.