|


تركي السهلي
القانون والعصا
2020-08-17
الاختلاف رحمة في كل شيء. في الفقه واللغة واللون والفكر والرأي. والإيمان العميق بذلك أضاف للبشرية الكثير من الجديد. والتوقف عن الخوف من الصوت ذي الأكثر من نوع، القارع للجرس، المُحرّك للتغيير، هو الطريق الذي يجب علينا اتّباعه.
بعد مباراة النصر والهلال الأخيرة ارتفعت الوتيرة من الكلام وبلغ التضاد ذروته وطغى على منصّة التدوين الصغيرة “تويتر” مزيج هائل من الطرح، وصل في بعضه إلى مستوى عالٍ من الحدّيّة والقفز بعيداً عن الخط المرسوم. والأمر بِرُمّته يكاد يكون مقبولاً متى ما أخذنا ذلك في إطار الردود حول الفوز والخسارة واستيعاب الميول، وتركها في مساحتها المعروفة في كُل بلدان العالم طالما أن المسألة نابعة من الجماهير. والمشجّع الكُروي لا يمكن منحه أكبر من حجمه ولا أخذه على محمل الجد في بعض الأحيان، فأقصى ما يمكنه فعله الهتاف وانفلات اللسان لدقائق يعود بعدها إلى هدوءه ونظافة منطوقة. وأظن أنه وعبر التاريخ لم يسقط جهاز رسمي، أو منشأة ذات مشروع واضح وقوي من التعبير البسيط، أو حتى من السُباب، فالألسن تكون واهنة حين يسيطر عليها الغضب وسرعان ما تقف وتتراجع ويُسيطر عليها الشعور بالندم. وإذا أخذنا حالة مباراة قطبي العاصمة الفائتة، فإننا نعلم أن جهازًا مثل الرياضة والشباب يبلغ من العمر أكثر من نصف قرن، وهو طوال مراحله لم يكن ضعيفاً بحيث تهتز أركانه من حديث عابر أو لسان طويل. وجميع الرجال الذين تولّوا قيادته لم تتحرك فيهم شعرة ولم يثنهم أحد عن السعي الحثيث نحو العمل والإنجاز. والأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، الوزير الحالي للقطاع الرياضي، يحمل ذات المنهج وصلابته في مواجهة وقبول كل الطروحات تبدو واضحة للجميع، وهو يعلم جيداً من أين يصدر الإزعاج ويملك الصبر الكافي على التجاهل أو الإسكات. ولا يمكن أن يكون الوزير الشاب طرفاً في أي تجاذبٍ يحدث، وعليه ألا يمتعض في هذا الوقت بالذات من أي ردود، كون المسير طويلاً، والمنافسات ستحمل له الكثير من مواقف الاعتراض. كما أن على الأمير ألا يُحيط نفسه بحاجب بينه وبين الوسط الرياضي، وألا يسمح لأحد بأن يُمرّر عليه تصنيفاً لأي مكوّن من مكوّنات الأندية السعودية، وأن يفتح قلبه لكل خائف ويمنحه الاطمئنان، فهو وزير لكل الأطياف ومرجعيّته في كل أمر الواقف على رأس الحكومة لا وكيل كان ولا نائب. ومع القانون فإن الأمير لا يحمل العصا.