|


رياض المسلم
زبون الثلج ونظرة المجتمع
2020-08-23
يعشق بعض الأصدقاء تكليفك بمهمة المرور على مطعم أو “سوبر ماركت” قبل قصدهم، وبحكم العمل الصحافي المتطلب الخروج في آخر ساعات الليل، يطلب أحدهم الثلج والنعناع والبطاطس المقرمشة، فلبيت طلبه البسيط، وخلال اصطفافي في طابور المحاسب فإذا بشخص بجانبي يلتفت عليّ ويهز رأسه يمنة ويسرة، ويقول: “الله يهديكم بس”..
تعجبت من ما ذكره الرجل الخمسيني، وسألت الموظف بعد رحيله عن سبب تمتمة زبون آخر الليل، والتقاطي للدعاء بالهداية فقط، فأجاب بأن السبب هو “الثلج”..
لملمت أغراضي بعد أن نسيت “الشيبس”، وطيلة الطريق أسأل نفسي حول غضب الشخص الذي لا أعرفه ولم أرتكب أمرًا كان وراء عقد حاجبيه، ولدى دخولي عند أصدقائي وشرحت له الموقف، ضحكوا وقالوا بأن من يشتري الثلج في هذا التوقيت من اليوم يصنف بأنه قد يضيفه إلى مشروب محرم شرعًا وممنوع في بلادنا..
صديقي صاحب الطلب يريد أن يضع لنا خلطة مكونة من “السفن أب” مع أوراق النعناع وقطع الليمون ويلزمها كثير من الثلج، فنحن في شهر أغسطس و”الغلاية” تراكم عليها الغبار، تمنيت بأني وجهت الدعوة للرجل الغاضب ليس من أجل تذوق مشروب صديقي “الصيفي”، بل للمشاهدة فقط ليدرك حجم خطأه.. ومن ثم نسقيه القهوة العربية “الساخنة”..
للأسف أن هذا الموقف يتكرر بأشكال مختلفة ومتنوعة، فهناك أشخاص نواجههم في مجتمعنا، موهبتهم تكمن في إطلاق الأحكام على الناس باختلاف أجناسهم قبل حتى أن يتفوهوا بكلمة واحدة، فيصنفونهم بحسب التصرف أو المظهر دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن حقيقة الشخص قبل أن يرموا به في قفص الاتهام..
هؤلاء الأشخاص ممن يعتقدون بأنهم يملكون “الفراسة” في الحكم على أفراد المجتمع وهم لا يعرفونهم، يصطادون فرائسهم كل يوم وفي مواقع متعددة، وتشعر بأن لديهم “قروب واتساب” ومدير يحركهم، وليس الأمر مقتصرًا على الرجال فقط بل حتى النساء.. وهناك الملعب بمساحة مفتوحة..
فكم من سيدة ارتدت عباءة ملونة، أدخلها المجتمع في عباءة السخط والنقد، وأخرى تقود المركبة، تلتقطها الأعين الحمراء تشتت تفكيرها، فتقطع الإشارة الحمراء.. وثالثة طلبت من زوجها أن يلبس “برمودا” ليتمشى معها في المول، فأسقطتها الاتهامات في مثلث “برمودا”..
أقول لهؤلاء المتربصين المترصدين ممن منحوا أنفسهم أحقية التدخل في المجتمع والحكم عليه من نظرة واحدة، إن من يرتكب الأخطاء فهناك أنظمة ولوائح في دولتنا تحاصر المخالفين.. ابتسموا في كل مكان تطأه أقدامكم.. ودعوا الخلق للخالق سبحانه..