|


طلال الحمود
ريال السلام
2020-08-23
طغت أنباء العلاقات بين الإمارات وإسرائيل على اهتمامات العالم العربي من الخليج إلى المحيط منذ الإعلان عنها قبل أسبوعين، في مشهد تكرر غير مرة خلال الأربعين عاماً الماضية، وبردة الفعل نفسها مع اختلاف الطرف المفاوض، وسط تحقيق مكاسب سياسية على الأرض استفادت منها مصر والسلطة الفلسطينية والأردن في استعادة أراض مهمة كانت تخضع للسيادة الإسرائيلية.
تنازلت إسرائيل حينها عن بعض الأراضي التي احتلتها، مع أنها تدرك عدم قدرة الدول العربية المحيطة على شن حرب ناجحة، ولم يكن التنازل أيضاً برغبة الساسة اليهود لأنهم يدركون أهمية المجتمع الدولي وحجم المكاسب التي حققوها منذ عام 1948، فضلاً عن أن هذه الدولة لا تستطيع التحرك بعيداً عن الدول الراعية والتفرد بالقرار، ما أدى في النهاية إلى سلام واستعادة العرب لجزء كبير من أراضيهم التي فقدوها خلال حرب الأيام الستة.
لم يكن موقف الدول الخليجية يوماً ضد السلام، وهذا ما أعلنته السعودية في مناسبتين من خلال ورقة فاس والمبادرة العربية، ولم يكن من أهداف قادة مجلس التعاون رمي اليهود في البحر أو حرقهم في أفران الغاز، لأن هذه السياسة تسببت في تشويه سمعة القضية الفلسطينية على مدى عشرات السنين، ولطخت سمعة العرب بطريقة لم يكن أكثر الأعداء تفاؤلاً ينتظرها.
على مدى 80 عاماً لعبت دول الخليج دور الداعم للقضية الفلسطينية بالمال والسلاح والمواقف السياسية، وعملت كثيراً على تحسين صورة القضية في العالم بعد عمليات خطف الطائرات وقتل الأبرياء خلال السبعينيات، حتى نجحت القوة الخليجية في إجبار الدول العظمى على الجلوس مع الفلسطينيين وهذه معجزة تحسب للساسة في الخليج، وبرغم هذه الدفعة الكبيرة، إلا أن الجانب الفلسطيني المفاوض لم يحقق تقدماً كبيراً نحو الحل الأخير، وما زال يرفض رفضاً قاطعاً أن تتواجد القوة الخليجية على طاولة المفاوضات أو تتحدث مع إسرائيل مباشرة لدفع عملية السلام، وكأن قدر هذه الدول أن تدفع المال وتضحي بعلاقاتها مع أمريكا وأوروبا، من أجل قضية يراد لها أن تطول.
من يعتقد بأن دول الخليج لا تملك ثقلاً، فليراجع ردة الفعل العالمية بعد قرار الإمارات إقامة علاقات مع إسرائيل، وعليه أن يتنبأ بقوة دول المجلس في حال دخلت مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وأمريكا بشأن إحلال السلام، خاصة أن الدور المرسوم من الجانب الفلسطيني لدول الخليج لا يتخطى دفع المال، وهذا بحد ذاته يجعل الأزمة تطول بتوجيه من المستفيدين.