|


رياض المسلم
حكمة الحمقى.. «الغنى ولا الصيت»
2020-09-04
كثير من الحكم والأقاويل والأمثلة التي نطق بها سابقًا فلاسفة وعقلاء وأيضًا “مجانين” تغيرت مفاهيمها في زمننا، الذي بات فيه حمقى وسائل التواصل الاجتماعي هم من يقودون الرأي العام للأسف..
قيل في عصر الحكمة، “الصيت ولّا الغنى”، تلك المقولة تدلّ على أن الشخص الذي يترك أثرًا نافعًا من علم أو كرم أخلاق أو محاسن تذكر، هو من سيحفظ في كتاب الأزمان، أما ماله فلن يسأل عنه إلا الورثة أو “الديّانة”..
فكان الحكماء والعباقرة والمفكرون لا يميلون كثيرًا للمال، فهم يدركون بأنه لن يرفع من مكانتهم بل سيخنقهم.. وفي أيامنا نجد الكثير ممن اتبعوا تلك المقولة فاشتهروا في مجالاتهم، همهم رفعة راية الوطن عاليًا وتحقيق منجزات شخصية تترك أثرًا بعيدًا، وسمعت من لم تلوث آذانهم أصوات “مشاهير السوشال ميديا”.. فخرج لنا الأبطال والبطلات..
فكم نسعد بمعانقة أبناء وبنات وطننا الغالي أصحاب الإنجازات، وخوضهم جولات في ميادين العزة والشرف لنيل منجز يفاخرون به، ونحن كذلك.. هدفهم “الصيت” على الرغم من كونهم مدركين بأن المكسب المادي ليس مجديًا، ولكن الأهم نقش أسمائهم على جدران الوطن بذهب المجد، وحتى إن كساه “غبار” الحمقى من المشاهير فسرعان ما ينفضه من جديد الزمن، لتعود أسماؤهم إلى البريق وتطير في الهواء الطلق مكاسب “مشاهير السوشال”..
أهل التهريج من الجنسين في أجهزتنا، لم ينطلقوا من أرضية رووها بالعلم والثقافة والمعرفة فلم تشكل أهمية بالنسبة لهم، الأهم جني المال من جيوب “المغلوب على أمرهم” من أشخاص أو جهات..
أحد المهرجات التي يطلق عليها لقب “مشهورة” اليوم، دفع 20 ألف ريال لتعلن له تافهة لترفع عدد المتابعة، وبالفعل حققت هدفها بمساعدة “المساكين” من المجتمع وجنت أرباحًا طائلة، رغم أنها لا تملك أي موهبة أو علم.. نعم “الغنى ولا الصيت”، هي المقولة التي حرفها هؤلاء لتتناغم مع أهوائهم، فجعلوا الضعفاء في المجتمع للأسف يتابعونهم بعد أن صنعوهم..
أحمق يصرح بأن دخله نصف مليون ريال إيراد الإعلانات وآخر 300 ألف ريال، فباتت لغة المال هي مقياس النجاح وهي بالطبع ليست كذلك، والمجالس تغص بالأحاديث عنهم وعن أسعار إعلاناتهم، فتخرج من الجلسة ولم تجنِ فائدة واحدة.. فناقل أخبار “التافه”.. تافه مثله..
كل من يقرأ تلك الأسطر أدعوه إلى ألا يركز على مظاهر بذخ هؤلاء الحمقى وفرد عضلاتهم المالية، بل يبحث عن نقطة انطلاقهم.. فلا تخرج عن “مقطع فيديو تافه”، أو “تصوير لقطات مخلة بالأدب” جعلا منهم نجومًا فيما بعد.. الفظوهم من حياتكم قبل أن يسرقوها.. واصنعوا من يستحق أن يُتابَع.