|


طلال الحمود
ضحايا التطبيع
2020-09-12
تتواتر الأنباء عن قائمة من الدول العربية الراغبة في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، على خلفية تعنت السلطة الفلسطينية وسعيها لاستمرار حال التوتر في الشرق الأوسط، بطريقة أصبحت تسبب حرجاً لدول المنطقة وتؤثر على مصالحها في العالم.
خاصة أن تبني هذه الدول لمواقف القيادة الفلسطينية ساهم في ربط مصير الأوطان والشعوب بقرارات وتوجهات منظمة التحرير غير المتزنة.
تعنت السلطة الفلسطينية يجد تعاطفاً من جهات مستفيدة ستخسر الكثير من انتهاء حال العداء مع إسرائيل، ولأن لكل قضية تجارها، سيواجه بعضهم خطر الإفلاس المهني والمالي بمجرد أن تنتهي هذه الأزمة ويحل السلام في الشرق الأوسط، حينها لن يجد بعض الحكام العرب قضية يمكن استخدامها لمهاجمة الجيران والتشكيك في نواياهم، ولن تجد أجهزة الإعلام الرسمية قضية يمكن أن تتصدر نشرات الأخبار في التلفزيون المحلي للتغطية على الأزمات الداخلية.
السلام سيدخل أيضاً إلى مخابئ الأقسام العربية التابعة للقنوات العالمية في لندن وباريس وغيرهما، ليعيد ترتيب نشرات الأخبار بعيداً عن الأجندات، وسيجد محرر الإذاعة السبعيني نفسه أمام مصير البحث عن أخبار أخرى غير قضية فلسطين، أو الرحيل ومواصلة نضاله في الشارع، لأن السلام يعني بالضرورة إيقاف المتاجرة بالقضية، وانتهاء حملات التحريض ضد دول بعينها تحت غطاء القضية الفلسطينية.
عندما يعم السلام لن تجد “الجزيرة” كذبة تجيّش بها الشارع العربي ضد جيران قطر، وسينتقل فيصل القاسم إلى منطقة أخرى بحاجة إلى خدماته، ولن تجد إيران ما يبرر وجودها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، لأن مبرر هذه الفوضى سينتهي وستعود الميليشيات إلى طهران لمواجهة واقع بلادها البائس.
الخسارة الكبرى من اتفاق السلام ستحل غالباً بالإعلاميين الذين اقتاتوا سنوات طويلة على المتناقضات ومواقف القيادات الفلسطينية المتنقلة وغير المتزنة، بدءًا من لقاء أمين الحسيني بالطاغية أدولف هتلر وتأييده لعملية إبادة اليهود، ومروراً بتأييد صدام حسين في كارثة احتلال الكويت، وانتهاءً بالوقوف إلى جانب إيران وتركيا وقطر ضد مصر ودول الخليج، إذ كان الإعلاميون يقتاتون إلى جانب الفصائل الفلسطينية من خلال خدمة طرف عربي ضد خصمه دون الاهتمام بتحقيق هدف التحرير، بدليل تأييد هذه المواقف المجنونة وتفاصيلها المليئة بالمتناقضات.
سيكون السلام القادم رحمة للشعب الفلسطيني من تحالفات قياداته الخاطئة على الدوام، وإيقافاً للعبث بمصيره، ولكن هذه المرة لن يسمح الأقوياء للمتربحين بتخريب السلام كما حدث بعد “أوسلو”، حين خرقت السلطة الاتفاق بتهريب السلاح وتنفيذ العمليات الإرهابية في تل أبيب.