|


أحمد الحامد⁩
الخبرة تلعب
2020-09-25
أرجو الحذر يا أعزائي القراء من الفكرة المزروعة في العقول، بأن الإنسان إذا ما تقدم في السن وتقاعد من العمل سيكون مصيره المحتوم هو البقاء في البيت والقيام ببعض الزيارات للأبناء، والتواجد في المناسبات الاجتماعية، وكأنه صار إنساناً لا يصلح للعمل والإنتاج، أرجو ألا تستسلموا لهذه الفكرة، بل على العكس من ذلك.
يعتبر الوصول لهذه السن هو الوصول إلى ذروة الخبرة، والعمل بأخطاء أقل مما يرتكبه الشباب في حياتهم العملية، ولكي أثبت لكم بأنني لا أحاول في هذا المقال أن أمهد الطريق لنفسي، خصوصاً أن ما فات من حياتي المهنية أكبر مما تبقى منها، على اعتبار أن سن التقاعد يكون في الستينيات من عمر الإنسان، ولأني بدأت ألاحظ بأن الكثير من المهمات في العمل لم تعد تسند إلي.. سأحكي لكم عما قرأته عن الأمريكي تشارلز كرون الذي ما زال يعطي الدروس لطلبته في الجامعة رغم بلوغه 91 عاماً، وعندما حلت جائحة كورونا استمر في تقديم دروسه عن بعد، وتمكن من استخدام كل التطبيقات على جهاز كمبيوتره، كما أن الطلبة يفضلون الانضمام للدروس التي يقدمها بسبب خبرته في إيصال المعلومة المفيدة مباشرة، كما أنه يتمتع بقدرته على الصبر والتعامل بهدوء ودون تذمر من كثرة الأسئلة التي يتلقاها من الطلبة، على عكس المدرسين الشباب قليلي الصبر والقدرة على التحمل، استطاع تشارلز أن يعمل مدرساً في الجامعة 50 عاماً لغاية الآن، وهذا دليل على أن الإنسان قادر على العمل دائماً، لكم أن تتخيلوا يا أعزائي الخسارة التي سيخسرها الطلبة لو أن تشارلز توقف عن العمل قبل 30 عاماً، فكم من تشارلز لدينا خسرنا خبرته لأنه وصل إلى سن التقاعد واكتفى بالجلوس في البيت وحيداً لساعات طويلة، كانت كافية للاستفادة منها بشكل يومي؟
يحكى أن المليونير موموفوكو المولود في تايوان لم يبدأ مشروعه الذي جعله مليونيراً إلا عندما بلغ 61 عاماً، ذلك أنه استخدم كل خبرته التي اكتسبها من مشاريعه السابقة الناجحة والفاشلة، عندما بلغ موموفوكو الـ61 قدم طريقة جديدة لتناول المكرونة سريعة التحضير، والتي مازلنا إلى غاية اليوم نستخدمها، خصوصاً إذا ما أردنا تناول طعاماً سهل التحضير، لو أن موموفوكو جلس في بيته يراقب أبناءه ويلومهم بسبب عدم إطفائهم نور الغرفة أثناء خروجهم منها، لما عرفنا هذه الصناعة التي انتشرت في أرجاء العالم، أرجو أن يقرأ المديرون لي في العمل هذا المقال.