|


أحمد الحامد⁩
خيال كروي
2020-09-28
سعدت كثيرًا عندما قرأت دراسة تقول إن الأشخاص الذين يكثرون من الخيال هم أناس طبيعيون، بذلك ضمنت عدم جنوني، لكن الدراسة أضافت أن للخيال فوائد يستطيع المتخيل الاستفادة منها إذا ما كانت مناسبة لأن تتحول إلى حقيقة على أرض الواقع، والحقيقة أن كلمة “مناسبة” تلعب دورًا كبيرًا في نجاح أو فشل عملية تحويل الخيال إلى حقيقة.
فالشخص الذي لديه مهارة في الكتابة يستطيع أن يحوّل خياله إلى قصص وروايات، كما أن الممثل يستطيع أن يتخيل شخصيات في الحياة فيقتبس منها أداءه على خشبة المسرح، لكن الذي يتخيل دائمًا أن يصبح لاعب كرة قدم شهيرًا رغم أنه لا يملك مهارة اللعب لن يكون خياله مناسبًا لأن يستفيد منه على أرض الواقع. عندما كنت في الثلاثينيات من عمري كثيرًا ما تخيلت نفسي أسجل الأهداف الحاسمة في المباريات المصيرية للفريق سواء في الدوري المحلي أو البطولات الآسيوية أو في كأس العالم، حتى إنني اختنقت ولم أستطع التنفس في إحدى المرات التي احتضنني فيها زملائي اللاعبون وهم يحتفلون بتسجيلي للهدف في الدقائق الأخيرة. في إحدى المرات شعرت بأن كثرة خيالاتي الكروية قد تؤثر على عقلي، فتجرأت وصارحت زميلي في الإذاعة مسعود محمد عما أعانية من كثرة خيالاتي الكروية، فسألني عما أتخيله تحديدًا، فأجبته بأنني غالبًا أسجل الأهداف الحاسمة للفريق، وذكرت له بعض التفاصيل، فهز رأسه متأسفًا وقال: طالما أنه خيال فلماذا لا تتخيل بصورة جيدة كما أفعل أنا، شعرت بالسعادة وأنا أكتشف أن مسعود ليس زميلًا في الإذاعة فقط بل في الخيال الكروي أيضًا، حينها قال مسعود أحد أبرز خيالاته التي أجبرتني على اعتزال الخيال الكروي منذ ذلك الوقت، قال إنه كان على دكة الاحتياط، وبعد مرور 70 دقيقة من عمر المباراة كان فريقهم متأخرًا بهدف، أنزله المدرب فصنع هدف التعادل، ولأن المباراة كانت مباراة نهائية تم تمديد الوقت، فسجل هدفًا، لكن حارس مرمى فريقهم ارتكب خطأً استحق الطرد على إثره وكان المدرب قد استنفذ كل التبديلات المسموح بها. لبس مسعود قفازات حارس المرمى وتصدى لضربة الجزاء ببراعة وفاز فريقهم بالبطولة، وبذلك كان مسعود اللاعب الوحيد في التاريخ الذي يصنع هدفًا ويسجل هدفًا ويتصدى لضربة جزاء في مباراة واحدة، لا أظنكم يا أعزائي القراء لم تتخيلوا أنفسكم وأنتم تسجلون الأهداف، لكنني أعتقد أيضًا أنكم لم تصلوا لما وصل إليه مسعود.