|


تركي السهلي
وصول النصر
2020-10-04
النصر المبني منذ العام 1955م وصل. لم يعد بمقدور أحد إعادته إلى مربّع التراوح الضيّق. لا تأرجح بعد اليوم.
والفضاء المُتّسع الواصل إليه العاصميّ العريق، يكمن في ذهنية المُشجّع الأصفر عبر تجاوزه حدود الترقّب الطويلة.
لقد خاض النادي المُنطلق من العاصمة الرياض معركة الوقوف كُل سنينه ولم ينحنِ يوماً على الرغم من كل التفاصيل المُزعجة التي اعترضت رحلته نحو البقاء والتعبير الواضح عن نفسه. كانت أدواته مصنوعة من يده ولم يستعر أسلحة الغير في أي لحظة من لحظاته، ولم يطلب زناداً لم يعتد عليه أو غريبًا عنه. النصر لا يحب الغرباء.
مع كل فجر، ينبثق المعنى الكبير للقاطن أقصى الغرب من المدينة الضخمة، وكأن الشمس تعنيه، ولا تريد أن تُشرق لأحد سواه. هو النور الذي لا ظلام بعده ولا غروب.
اليوم، يقف النصر على واحدة من أعلى مراحل علوّه، لأنه لم يعد مربوطًا بنتيجة. والهتاف المتّصل لا ينقطع معه وله وقلوب كُل محبيه عرفت ملامسة الحُب منه، وهم يتسلسلون كقطع لؤلؤ منثور في خارطته الكبيرة. تكتمل اللوحة عندما يحضر اللون. لا يمكن اعتبار الأصفر مجرّد ريشة ولا إطارًا ولا حتى مرسمًا.. هو أكبر من معرض مفتوح حتى.
مع كل ساعة تدق يتلاشى الظلّ وتبدأ الخطوات في التثاقل إلا صاحب الانتصار الذاتي فإنه يُجيد قراءة الوقت ويُحدد حركة العقرب، سواء كانت ثواني أو مأخوذة من دقائق ومع النجديّ الكبير لا حسرة على ضياع الستين لأنه سيتبعها بستين جديدة، وفي كل ثانية تتولّد مرحلة مختلفة من العمر لا تشبه ما قبلها في الامتداد الأصفر.
القصص كثيرة في صفحات النصر ولا كتابة تكفيه لتدوينها، وعلى القلم أن يتوافق مع اللسان والعقل لكي يبدأ السرد وعلى الراوي حينها أن يمسك بالفكرة الصفراء ذاتها، وأن يُعطي اليراع المُذهّب المغموس بالحبر حرّيته في الانطلاق، وألا يضع في مخيّلته لا الورق ولا حتى النقاط لأن العالمي الأوّل لا يحب الحدود، وحين الكتابة عنه لا بد من إعدام الرقيب الداخلي.
مُحب هذا الحامل على ظهره لون الشروق وتفاصيل البحر ولا يعرف للكره شعورًا طوال عمره، وحين يغضب يُطبق الصمت على الأرجاء كُلّها. هو لا يحمل صوتاً أقوى من غيره لكنّه حين يتكلّم يكون مسرحاً ومنبراً وجهراً لا سكوت منه. على الجميع أن يتعامل النصر كشعلة لهب لا تنطفئ مهما علت الرياح واشتدت.