|


أحمد الحامد⁩
دراسات ونسيان
2020-10-06
بشرى لكل الذين يعانون من النسيان المتكرر، خصوصاً أولئك الذين يسبب لهم نسيانهم الإحراج ويوقع عليهم اللوم، ويوصفون ظلماً بالمهملين أو الفوضويين.
آخر دراسة قرأتها تقول بإن هذا النوع من النسيان مؤشر على حدة الذكاء والنبوغ، لأن الشخص “النسّاي” يفكر في عدة مواضيع في وقت واحد، وهذه قدرة لا يتمتع بها أولئك الذين لا ينسون عادة، كونهم لا ينشغلون إلا بفكرة واحدة، والشخص كثير النسيان يدير عدة أعمال في زمن واحد، لكنه مقابل ذلك ينسى أين وضع مفاتيح سيارته أو جهاز هاتفه، أو أن يدفع للعامل الذي ملأ له خزان وقود سيارته، لكنه لا ينسى أفكاره ومهامه الكبيرة وهذا ما يميزه، المحزن أن دراسة أخرى تقول إن الذي يعمل على تنفيذ عدة أفكار أو مشاريع في وقت واحد لا يستطيع الإنجاز بصورة جيدة ويخفق في التنفيذ عادة، حتى إنه قد لا يحقق نجاحاً من كل ما يعمل عليه لأنه متشتت، ولا يعطي كل مهمة العناية الكافية، أضف على ذلك، وينسى أيضاً، لذلك ينصح خبراء تطوير الذات بالتركيز على عمل واحد وإنجازه بأفضل صورة، لأن العمل المتقن يمثل صاحبه، نسفت الدراسة الثانية الفرحة التي شعرت بها عندما قرأت الدراسة الأولى، لكنني أعرف بعض الناس الذين سيبدو حجم نسياني صغيراً أمام ما يعانونه من نسيان يدعو للشفقة عليهم، رغم أنني مقتنع أن الإنسان يستطيع تلافي الكثير من حالات النسيان إذا ما أراد ذلك، بمجرد أن يقوم بتدوين مواعيده وأعماله شريطة ألا ينسى المدونة في مكان ما، أذكر زميلة قبل 20 عاماً جاءت إلى العمل ومازالت آثار الدموع في عينيها، قالت لي متأثرة وطلبت كتم ما ستقوله بإنها نسيت طفلها وهو نائم داخل عربته عند صالون التجميل، ولم تتذكره إلا بعد أن مشيت حوالي مئة متر خارج الصالون وعادت إليه وهي تركض خائفة، كانت تعاتب نفسها والحزن ظاهر عليها، لكنني وبسبب “الميانة” ورغم أنني حاولت كتم ضحكي، إلا أن بعض الضحكات المتقطعة انفلتت رغماً عني وهذا ما جعلها تبتسم قليلاً، حاولت التخفيف عنها وقلت لها قد يكون السبب أنه مولودها الأول ولم تعتد على مرافقته خارج المنزل حتى الآن، قبل عام التقيتها وابنها صدفة، عرفتني عليه وقالت: هذا ابني الكبير.. فسألتها: هو نفسه الذي نسيتِه في الصالون؟ فأجابت مستغربة وبلهجتها الشامية: “لك شو اِنت ما بتنسى!؟