|


هيا الغامدي
«قاتل» كرة القدم!
2020-10-09
التعصب ظاهرة عالمية لها أبعاد نفسية وسيكولوجية خطيرة، لذا فهو من أهم الموضوعات مرونة، يحتاج لطرح دائم للخروج من دائرة الخطر المتعلقة بأسبابه ونتائجه، فمدة صلاحيته تظل مفتوحة وصالحة للاستهلاك والتداول بكل زمان ومكان، فلا يخلو مجتمع من “الحب الشديد” والتعلق الذي يعمي الأبصار والأفئدة بمسائل عدم تقبل الهزيمة والخسارة، لذا قيل “ومن الحب ما قتل”، فالتعصب مرض حقيقي كباقي الأمراض العضوية والنفسية له أعراض ويحتاج لتشخيص وعلاج للتقليل من آثاره.
عدم قبول الرأي “النقد الإيجابي” أخطر علامات التعصب، وعدم تقبل الهزيمة بروح رياضية والاعتراف للخصم بالأفضلية، والمؤسف أن هناك من يخلط أمور “الدين بالدنيا” بشكل مؤسف بالذات كرة القدم، كتشكيك ودخول بالذمم وتصدير ثقافة الشماتة وسوء الظن.. الرياضة وكرة القدم إن لم تكسبا ممارسيهما “لاعبين ومدربين وإداريين” الأخلاق العالية والقيم النبيلة فهما مضيعة للوقت وجهد بدني بلا ناتج أخلاقي/ معنوي، الرياضة وجدت للحب والسلام والتقارب والألفة بين الشعوب، وبعضها ونشر ثقافة الروح الرياضية والتنافس الشريف.. وأكثر ما يقتل اللحظات الجميلة بكرة القدم هو التعصب الرياضي الذي يقتل المتعة الأكبر للجمهور والمتابعين، وهو من أسوأ مظاهر كرة القدم التي تؤدي لنتائج كارثية خطيرة..
وفي كرة القدم ضمن إطار التعصب البغيض “الحب المرضي”، لذا لن تجد المتعصب يخرج عن وضعين: إما حاسد أو شامت تجاه الخصم أو متعصب محب لدرجة العمى بشكل لا يجعله يرى سواه.. “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، فالإعلام مسؤول عما يطرح من أخبار ومواد صحافية وزوايا.. والبرامج الرياضية عبارة عن “بؤر” لنشر التعصب وبث الفرقة والاحتقان بين الجماهير، كل يغني على ليلاه دون رادع بالانتقاص والتجاوزات، ومن نصر للفريق المفضل من باب “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا،” وافتعال المشاكل والسب والشتم عبر مواقع التواصل التي أصبحت منصات لزيادة الاحتقان والإساءة، “فالويل” لمن يخالف هواه الكروي..
المسؤولية الاجتماعية والإنسانية تعني أن الفرد قائد ومؤثر بغيره كونه قدوة، فاللاعب والمدرب ورئيس النادي قدوة للجمهور، والأب/ القائد قدوة للأسرة والأبناء...إلخ.. لنترفع عن كل ما يدنس معتقداتنا وقيمنا الأخلاقية من أجل لعبة وجدت لتجمع لا لتفرق، لعبة للحب والسلام بالعالم، كرة القدم أجمل من أن تُقتل برصاص الحسد والكره والتشفي والشماتة بمرض أو ابتلاء، والأسوأ من يدعم ويشجع فرقًا معادية “لنا” بالقيم والثوابت من أجل جلد منفوخ في فمي ماء..