|


هيا الغامدي
شكرا.. حسين
2020-10-12
يبدأ اللاعب التفكير بالاعتزال والعد التنازلي لمغادرة كرة القدم عادةً في العقد الثالث من العمر، لكن هناك حالات استثنائية لأساطير تخطوا الأربعين بكثير، ولا يزالون يواصلون العطاء بكامل لياقتهم، الفنية والبدنية والذهنية، مثل الحارس الإيطالي ماركو بالوتا “43 عامًا”، ومواطنه بوفون “41 عامًا”، والأرجنتيني فيرون “43 عامًا”، والفرعون المصري عصام الحضري، الذي غادر الكرة بعمر “47 عامًا”، وحسين عبد الغني “44 عامًا”.
مسيرة عظيمة، خاضها مع المنتخب والأهلي والفرق التي لعب لها، خارج وداخل الوطن، قبل أن يعود إلى الأهلي مجددًا، أدمن فيها كرة القدم حتى أدمنته، وصار واحدًا من أفضل اللاعبين الذين مروا على الكرة السعودية في خانة الجناح الأيسر.
إني أحاذر صده وفراقه .. إن الفراق على المحب شديد. العباس بن الأحنف.
هناك لحظات فراق ووداع لابد أن ينتهي عندها اللاعب، والصربي فلادان ميلويفيتش، مدرب الأهلي، استطاع كتابة الفصل الأخير من مسيرة اللاعب مع فريقه في الفترة المقبلة.
نصيحتي للاعب أن يختار قرار الرحيل، ليغادر كرة القدم بنفسه قبل أن تغادره هي، فهناك توقيت أعمى، يصل إليه اللاعب، يصبح فيه وجوده بلا قيمة في نظر الجمهور، فينسى ويتناسى ما قدَّم، وتبدأ صيحات الاستهجان والمطالبة برحيله، وهذه ليست جيدة في حق الأساطير مثل حسين على الرغم من المستوى الحيوي الكبير الذي قدمه في دوري أبطال آسيا قبل الخروج أمام شباب الأهلي دبي وتسجيله ركلة الجزاء بنجاح.
الرحيل عن كرة القدم بقرار شخصي أفضل من الدخول في التوقيت الميت الذي يضطر فيه اللاعب إلى المغادرة مطرودًا، أو منبوذًا من قِبل الجمهور! وحسين لاعب ذكي، وعلى الرغم من أنه لا يزال متوقد الحماس، وحيويًّا، وعلى الرغم من إثباته بأن العمر مجرد رقم، وأن الشباب شباب القلب، إلا أن هذه حال كرة القدم لا تجامل أحدًا، وإن جاملت الإدارة، فالمدرب المحترف الذي يخشى عواقب المجاملة، سيرفض، مثل فلادان، وهما “الإدارة والمدرب” مطالبان بالبحث عن بديل استراتيجي لحسين في خانة الظهير الأيسر الذي نجح فيه كجوكر وكصانع لعب.
شكرًا حسين، أنت نموذج إيجابي للاعب المنضبط الملتزم المحب لكرة القدم. مسيرتك، وتعاطيك معها داخل وخارج المستطيل الأخضر يجب أن يُدرَّسا، خاصةً كيفية المحافظة على لياقتك البدنية وقدرتك على العطاء لهذه السن المتقدمة، بعيدًا عن “النرفزة” والاستفزاز، والبطاقات الملوَّنة التي أفسدت جمال العطاء والإنجاز. ننتظرك في موقع جديد تقود فيه كرة القدم إلى مكان أفضل. بالتوفيق في مسيرتك المقبلة.