|


أحمد الحامد⁩
رصاص من نكات
2020-10-31
يوصل سطر ذكي ومضحك رسالة قد لا توصلها صفحات كتاب، فالكتاب يحتاج إلى قارئ مهتم، يعطيه أيامًا من وقته، مع تركيز كامل، بينما الرسائل القصيرة المكتوبة والتي تنتهي بضحكة، تلمس قلب القارئ، ثم تقيم في عقله وإن لم يشعر باستضافتها.
والنكتة بشكل ما سلاح ناعم لكنه حاد جداً، يستخدمه الأقوياء والضعفاء معاً ضد بعضهما، لذلك فإن الكثير من القصص والطرائف تم تأليفها وإلصاقها ببعض مشاهير العالم فيما يصح أن نسميه حرب النكات، كما أن بعض النكات التي قيلت في المشاهير صدقها الناس على أنها حقائق وإن كانت للضحك لخفض معنويات الخصوم، أو لتشويه السمعة، ثم جاء الإنترنت ليوسع من انتشارها بشكل تصعب السيطرة عليه، والمكتوب إذا ما انتشر صار حقيقة عند بعض العقول وإن لم يكن كذلك، تشرشل كان له خصومه، ومما انتشر عنه أثناء الحرب العالمية الثانية وكان رئيساً للوزراء، أن شاباً بريطانياً هتف في وجهه قائلاً: يا أحمق، فاعتقلت الشرطة الشاب وأودعته السجن، وفي جلسة برلمانية سأل أحد الأعضاء تشرشل: كيف سمحت للشرطة باعتقال الشاب لمجرد أنه وصفك بالأحمق؟ فأجاب تشرشل بأن الشرطة اعتقلته لإفشائه سراً من أسرار الدولة.. أظن بأن الذي كتب هذه النكتة ممن لا يحبون تشرشل الذي قاد بريطانيا قيادة لم تعرف الضعف أمام هتلر وشركائه.. وعن تشرشل أيضاً مع زج برنارد شو في الحكاية التي صدقها الناس، أن تشرشل وكان سميناً قال لبرنارد شو وكان برنارد نحيلاً: من يراك يظن أن بلادنا تعاني من مجاعة، فأجابه برنارد: ومن يراك سيدرك سبب المجاعة.. وكان بعض خصوم إبراهام لينكولن عجزوا عن مقارعته سياسياً، فصاروا يلمزونه ببعده عن الوسامة، وعندما سأله أحد الصحفيين عما يقوله خصومه عن تعدد وجوهه، فأجاب: “لو كان عندي عدة أوجه فهل كنت سأستخدم هذا الوجه”؟!
في فرنسا كان شارل ديغول ممن يقيسون شعبيتهم بعدد النكات الجديدة التي تطلق عليهم، وعندما أحس مرة بقلة النكات الجديدة عنه قال: “لقد تدنت شعبيتي في فرنسا، فأنا لا أرى نفسي في الرسوم الكاريكاتيرية، ولا أسمع اسمي في النكتة التي تنتقدني”..
أعتقد بأن القارئ عليه ألا يعتمد على هذه الطرائف كحقائق، وأن يأخذها كطرائف ذكية في صياغتها، أو نكات ناجحة، لأن مجرد التفكير في العديد منها، يتضح أنها كتبت للضحك أو لمحاولة تشويه السمعة لا أكثر.