قبل سنوات استضافني أحد الأصدقاء على وجبة غداء، وكان قد دعا أحد أقاربه الذي لم يتوقف عن الكلام، تكلم عن السياسة بكل انفعال وغضب، وعلى تصرفات بعض مشاهير السياسة وطرح بدائل لتصرفاتهم، ثم شرح الأسباب التي لن يحقق فيها أي منتخب عربي كأس العالم، وما الذي تستطيع أن تفعله صناعة السيارات الصينية لكي تلحق باليابانية والكورية، ثم أعطى بعض الأفكار التجارية التي ستحقق الأرباح لكل من يلتقطها، ثم تحدث عن الأغنية وكل السرقات الفنية التي مارسها الملحنون، ثم وصف الخلطة السحرية لوجبة كنتاكي وإنه على استعداد لتجربتها أمامنا، بعد وجبة الغداء.
وبعد أن غادر اعتذر صاحبي من كثرة كلام صاحبه، وإنه رجل على “قد حاله”، ودائماً يمر في ظروف مادية صعبة، حيث لا عمل ثابتًا ولا مهنة واضحة، ولا هواية سوى الكلام.
اليوم نسيت وجه الرجل الذي هوايته الكلام، لكنني لم أنس وصف صاحبي “هوايته الكلام”، ورغم عطفي على صاحب الهواية إلا أنني وجدت أنني في عدة حالات أحوج بهذا العطف، ففي أوقات متفرقة،
لاحظت أنني أنتقد من يتصرف بشكل لا يعجبني - في غيابه طبعاً -، أصف خطأه وأقول ما كان عليه أن يفعله، كما أنني قبضت على نفسي عدة مرات وأنا أتحدث بكل ثقة عن أفكاري التي ستصلح العالم إن تم تطبيقها، لكن العالم غافل عنها وهذا من سوء حظه، واعتدت بعد كل مدة من هذا السلوك أن توضح لي الأيام بكل صراحتها مجموع أخطائي أو تبعاتها، فتتكشف لي سوء قراراتي وحماقاتها، وأبدو مثل ريشة تتلاعب بها الرياح، ثم أضعف وأنزوي، وتصبح أمنيتي.. أنا الذي قدمت نظرياتي للعالم وانتقدت من لا تعجبني تصرفاته، تصبح أمنيتي مجرد أن أنعم ببعض الهدوء والسلام، بعيداً عن كل عنترياتي التي أعاهد نفسي ألا أكررها، ثم إذا ما تجاوزت الموجة، وجلست على شاطئ الراحة، نسيت ما كنت فيه من ضعف وعدت للمسلك القديم، أنا أيضاً وبطريقة ما، صغرت أو كبرت، أمارس في غفلة من أولوياتي ومسؤولياتي هواية الكلام.
اليوم أستطيع القول بإن معظم الذين يشعرون بمتع الحياة ويرون خيراتها، هم أولئك الذين اهتموا بأنفسهم ومن تطوير قدراتهم، وفتحوا أعينهم على كل الأشياء التي يستطيعون إنجازها، ولا وقت لديهم للانشغال بغيرهم وما يفعلونه، ويقدرون ما بأيديهم حق التقدير.
وبعد أن غادر اعتذر صاحبي من كثرة كلام صاحبه، وإنه رجل على “قد حاله”، ودائماً يمر في ظروف مادية صعبة، حيث لا عمل ثابتًا ولا مهنة واضحة، ولا هواية سوى الكلام.
اليوم نسيت وجه الرجل الذي هوايته الكلام، لكنني لم أنس وصف صاحبي “هوايته الكلام”، ورغم عطفي على صاحب الهواية إلا أنني وجدت أنني في عدة حالات أحوج بهذا العطف، ففي أوقات متفرقة،
لاحظت أنني أنتقد من يتصرف بشكل لا يعجبني - في غيابه طبعاً -، أصف خطأه وأقول ما كان عليه أن يفعله، كما أنني قبضت على نفسي عدة مرات وأنا أتحدث بكل ثقة عن أفكاري التي ستصلح العالم إن تم تطبيقها، لكن العالم غافل عنها وهذا من سوء حظه، واعتدت بعد كل مدة من هذا السلوك أن توضح لي الأيام بكل صراحتها مجموع أخطائي أو تبعاتها، فتتكشف لي سوء قراراتي وحماقاتها، وأبدو مثل ريشة تتلاعب بها الرياح، ثم أضعف وأنزوي، وتصبح أمنيتي.. أنا الذي قدمت نظرياتي للعالم وانتقدت من لا تعجبني تصرفاته، تصبح أمنيتي مجرد أن أنعم ببعض الهدوء والسلام، بعيداً عن كل عنترياتي التي أعاهد نفسي ألا أكررها، ثم إذا ما تجاوزت الموجة، وجلست على شاطئ الراحة، نسيت ما كنت فيه من ضعف وعدت للمسلك القديم، أنا أيضاً وبطريقة ما، صغرت أو كبرت، أمارس في غفلة من أولوياتي ومسؤولياتي هواية الكلام.
اليوم أستطيع القول بإن معظم الذين يشعرون بمتع الحياة ويرون خيراتها، هم أولئك الذين اهتموا بأنفسهم ومن تطوير قدراتهم، وفتحوا أعينهم على كل الأشياء التي يستطيعون إنجازها، ولا وقت لديهم للانشغال بغيرهم وما يفعلونه، ويقدرون ما بأيديهم حق التقدير.