|


أحمد الحامد⁩
عقل الإنسان
2020-11-01
مقال اليوم مما رأيته بالأمس من تناقضات عقل الإنسان العجيب، فهو وإن بلغ قمم الذكاء والفطنة إلا أنه يعود ليثير الاستغراب عندما يسقط في ما يدعو للضحك من سذاجته.
وأنا هنا لا أعمِّم الحديث، بل أخصِّصه عني، وعن طبيب هندي، نشرت الصحف حكايته. أما عني، فأنا فعلًا أطبِّق الوصف الذي ذكرته، أما الطبيب الهندي، فأعدُّه الكابتن الذي يتقدمني وأمثالي، وأسأل الله ألَّا يأتي اليوم الذي أصل إلى مستواه، لا في الذكاء ولا في السذاجة، فصاحبنا الذي نال شهادة علمية عالية، صدَّق بعض المحتالين الذين عرضوا عليه شراء فانوس علاء الدين السحري، وعندما طالبهم بالتحقق من مصداقية كلامهم، مثَّلوا أمامه عملية إخراج المارد الذي يحقق الأمنيات، مستعينين بصديقهم وشريكهم في الجريمة، الذي مثَّل دور المارد. العجيب أنهم تمكَّنوا من خداع الطبيب، الذي وافق على دفع 335 ألف دولار مقابل امتلاك الفانوس، ولا أعلم ما الذي يريده الكابتن من الفانوس طالما أنه طبيب، ويمتلك هذا المبلغ الكبير! ربما اعتقد أن المارد سيساعده في علاج المرضى، فيصبح مشهورًا، وتزداد ثروته، وبذلك يكون أحد المساهمين في خداع نفسه أيضًا. الجيد في الأمر أن الشرطة قبضت على المخادعين، ولا أدري إن كانوا قد تصرَّفوا بالمبلغ قبل القبض عليهم أم لا، لكنَّ لأكيد أن الطبيب سيحتاج إلى سنوات من العمل الجاد ليستعيد ثقة المراجعين في سلامة عقله، وقد يحتاج إلى مارد حقيقي كي يساعده في ذلك!
خبر آخر، كنت أنتظر قراءته منذ سنوات طويلة، فقد أُعلِن عن إطلاق السيارة الطائرة، وهي أمنية كل قائد سيارة، تمنَّى وهو وسط الزحام لو أنه يحلِّق بسيارته مبتعدًا عن الضغط الذي يسبِّبه تكرار التوقف الهادر للوقت والمثير للأعصاب. لا تحتاج هذه السيارة إلا إلى مدرج صغير، وثلاث دقائق لتتحول إلى طائرة، لكن وجود السيارة “الطيَّارة”، وهي إحدى أمنياتي الملحَّة، لا يعني أنني أستطيع شراءها، وهذا ما لم أحسب حسابه، وأظن أن الكثيرين مثلي، فالسيارة الطائرة باهظة الثمن، وتوفير المال لشرائها يحتاج إلى عشرات السنوات، وقد يأتي اليوم الذي أمتلك فيه ثمن السيارة الطائرة، لكنني لن أشتريها لعدم حاجتي إليها، أو لعدم اهتمامي بها، كما حدث لصديقي الذي طلبت منه الدخول معي إلى محل لعب أطفال لشراء هدية عيد ميلاد لأحد أطفالي، فراح ينظر إلى الألعاب، ثم توقف طويلًا عند لعبة، وأشار نحوها قائلًا: عندما كنت صغيرًا تمنَّيت الحصول على هذه اللعبة، لكنني لم أكن أملك المال، وعندما كبرت أصبح عندي المال، لكنني لا أريد اللعبة!