|


فهد عافت
ليل غزير!
2020-11-01
حين نقول “برشلونة” تتجه الأنظار إلى “ميسّي”، لكني أتحدّث عن رواية “ظِلُّ الرّيح” لـ “كارلوس زوفان”، وعلى ضمانتي: سوف تتوجّه الأنظار إلى “برشلونة” أُخرى!. وعلى ضمانتي: لن تملّ من..، ولن تندم على، قراءة “ظلُّ الريح”!.
- لا أقول إنك ستقرأها في جلسة واحدة، رغم إعجابي بالإشادة المتهوّرة من وزير خارجيّة ألمانيا الأسبق “بوشكا فيشر”: “ستقرأ الرواية في جلسة واحدة ولن تنام الليل وأنت تتعقّب ظل الريح. لن يسمح لك زافون بأن تترك الكتاب قبل أن تبلغ نهايته”!.
- لا بأس بمثل هذه المجازات حين نقصد كم هو العمل مشوّقًا!. الأكيد، أنك لن تقرأ كتابًا آخر قبل أن تتمّ قراءة ظل الرّيح إلى السطر الأخير!. ثمّ أنك لن تنسى هذا الكتاب أبدًا!.
- حكايات متداخلة بعجب وصيام في رجب!. لكنها متداخلة بما لا يمكن له أن يشبه غير موسيقى خلّابة يجتمع لها مائة عازف وأكثر، يتمتع كل واحدٍ منهم بموهبة ومهارة فائقتين، يتصرّفون على نحو لا مثيل لتناغمه وبهائه وخصوبة الطاقة في خُضْرَتِه!.
- حكايات متداخلة، وما أن تنتهي حكاية، حتى تبدأ من جديد!، نفس الحكاية!، يُفتح لها باب عجائبي، فتنهمر مرّة ثانية وثالثة وعاشرة، لا تَعُدّ!.
- تنهمر، ساحبةً معها كل ما تظن أنك فرغت منه!. تضيف إليه وتحذف منه، ومن خلاله تتجدّد، وتُجدِّد تلاحمها وتداخلها وتلاقحها مع بقيّة الحكايات، التي ليس فيها ما يُترك أو يبقى على حاله!. لا شيء يبقى مكانه لكن لا شيء يتلاشى أيضًا!. كل حكاية تقفز على حكاية أُخرى بغتة!، تمسك بتلابيبها وبتلابيبك!. حكاية تستضيف العالم بأسره!.
- متاهة من الممرّات والشرفات بجدران عارية وسقوف مرتفعة!. يا للعبة المرايا المدهشة في قصر “آلدايا” الممسوس بلعنات الحب والحرب، حيث، وفي الحالتين: الأسباب التي تدفع الإنسان لقول الحقيقة قليلة جدًّا، بينما لا تُعدُّ أسباب الكذب ولا تُحصى!.
- ليل غزير ومطر دامس!. وفي أيام الحرب، وبالذات الحروب الأهليّة، الجميع على موعد مع فناء الحياء!. والأقمار لا تبتسم، تُكشّر فحسب!. يكاد لا ينعكس نور قمر إلّا على حدّ سِكّين!، بأضواء مشوّشة كمياه مُستنقع!.
- يتورّط “دانيال” بقراءة كتاب ظلّ الريح، ومشدودًا بقوّة مغناطيسيّة تشدّنا معه، يتتبّع أثر الكاتب، وأي تتبّع وأي أثر وأي كاتب؟!.
- هل سبق لك أن تتبّعت آثار ظلّ برائحة ورق محروق؟! شراعك وبوصلتك وخارطتك كتاب يقرأك وتقرأه، يُدخلك في خيال حكايته بعد أن يُخرج من خيال الحكاية شخصيّة شيطانيّة!، ويصبح عليكما أن تتلاقيا، بحقيقتك التي صارت خيالًا، وبخياله الذي صار حقيقة!. ويصير على كل منكما أن يُميت الآخر وأن يُحْيِيه في نفس اللحظة!.
- كل قارئ لظلّ الريح سيكون “دانيال”، ولأنّ “دانيال” حكاية أُخرى، سيكون كلّ واحدٍ منّا: نفسه، و”دانيال”، وحكايات أُخرى!.
- في هذه الرواية ستخاف من الجميع على الجميع، ومن الجميع على نفسك، ومن نفسك أيضًا ستخاف، عليك وعلى الجميع!. لكنك في نهاية المطاف ستصافح ذاتك وتقول لنفسك: هيّا، الحياة في انتظارنا!.
- “ظلّ الرّيح”. أحد أكثر الكتب شناعةً حين يتعلّق الأمر بالحرب، وأحد أفضلها كي تستبشر القلوب خيرًا في الحب!.