|


أحمد الحامد⁩
شيء من تجربة كورونا
2020-11-06
ما الذي اختلف بين الموجة الأولى والثانية من كورونا؟ قبل حوالي تسعة أشهر كانت أوروبا تسجل أعلى أرقام الإصابات على مستوى العالم، بريطانيا عدة آلاف يومياً، فرنسا وإيطاليا كذلك، كانت تلك الأرقام اليومية تشكل رعباً مخيفاً عند السكان، من عدو لا يعرفون عنه شيئاً سوى ما يقرؤونه عن أعراضه وطرق تجنبه.
وصارت عواصم مثل روما وباريس ولندن شبه فارغة بعد فرض الحجر، بالإضافة للذين فضلوا البقاء في منازلهم منذ أن صار فيروس كورونا هو المادة الرئيسة لنشرات الأخبار والمواقع الإخبارية ورسائل الواتساب وأحاديث العائلة والأصدقاء، كان منظر ساحة الطرف الأغر الفارغ مؤلماً، وأظهرت صور الساحة في لقطات تاريخية التمثال الشهير وحيداً، وهاجر الحمام الذي اعتاد أن يجد طعامه بين يدي السائحين الذين يغرونه بالطعام للاقتراب منهم والتقاط الصور معه، أما اليوم ومع بداية الموجة الثانية في أوروبا ورغم تسجيل فرنسا قبل أيام 50 ألف إصابة في يوم واحد، وبريطانيا تسجل حوالي 20 ألف إصابة يومياً، إلا أن سكان أوروبا الآن لم تعد تخيفهم الأرقام الكبيرة التي سجلتها بداية الموجة الثانية، وعاد الناس يتزاحمون في القطارات والمطاعم والأسواق، بل إن بعضهم لا يلتزم بالتعليمات الطبية التي تطالب بلبس الكمامة على أقل تقدير، وكأن كورونا صار شيئاً من الماضي، وهذا ما طرح عندي تساؤلاً عن ما يغير تفكير الإنسان، هل معرفة مواصفات العدو يقلل نسبة الخوف منه؟ هل قراءة أو سماع قصص المصابين ونجاتهم أعطت اعتقاداً عند الناس أنهم قادرون على مواجهته وهزيمته؟ هل يستعيد الإنسان شجاعته أثناء المعركة؟ أظن ذلك.. فأنا رغم التزامي بالتعليمات الصحية سابقاً وحالياً إلا أنني أتقبل فكرة الإصابة الآن كما لم أكن أتقبلها في بداية الجائحة، ففي بدايات الجائحة كان خبر إصابة أحد ما يثير العاطفة والخوف على المصاب، أما الآن فكل ما نفعله للمصاب هو الاتصال عليه وتشجيعه ببعض الكلمات، ثم نلتقي به بعد مدة مستمعين لما شعر به وكأنه يحكي حكاية عادية رغم أن بعض الإصابات شديدة الألم، وبعضها بالطبع مميت، وأعتقد أن ما يشبه الشجاعة التي تحليت بها بسبب التعود على واقع وجود الفيروس والتعرف على آثاره ونسبة النجاة العالية، كورونا واقع مؤلم لم يستطع العالم تغييره لغاية الآن رغم ما يتسبب فيه من مشاهد حزينة، لكنه في جانب ما قد يتسبب في تعودنا على أن نكون حذرين تجاه صحتنا العامة، بالإضافة لمواجهة التغيرات بشيء من الشجاعة.