|


أحمد الحامد⁩
أنا ونفسي.. وبعض الفوضى
2020-11-14
أحاول أن أسمي المسميات بأسمائها عندما أكون غاضباً من نفسي إذا ما أضعت وقتاً دون فائدة، أي لم أستثمره في البقاء مع الأسرة أو الخروج معهم، أو في إعداد البرنامج، أو في الكتابة أو القراءة، أو في زيارة رجل عزيز، غضب داخلي طبعاً، فلا يجوز أن أوجه كلمات قاسية لنفسي بصوت عالٍ كي لا يقال: مسكين ضرب عقله.
أوجه هذه الكلمات بكل صراحة، ولكي أقرب الصورة أقول مثلاً: ما الذي فعلته طوال الأيام الماضية؟ أنا أجيب عنك.. لا شيء، أنت مجرد “بق كبير” تطلق الوعود كل مرة وتتعهد بالالتزام بأنك لن تهدر أي وقت مرة أخرى.. لكنك تعود إلى سابق عهدك، هكذا عرفتك وهكذا ستبقى..
أتلقى هذه الكلمات القاسية دون أن أرد عليها، ودون طلب أي شفقة أو اختلاق عذر، فأتسلل وأرتب جدول الأيام القادمة، وأحقق معظم ما قررت فعله، فأصبح والداً مقرباً من أبنائه، وأكتب بما يقرب من الغزارة، وأعد لبرنامجي فقرات تتميز بالبحث والأفكار غير المطروقة والجديدة ـ هذا ما أظنه ـ، وأقرأ ما كنت أريد قراءته، حينها أشعر بالسعادة والثقة، ولا بأس من توجيه بعض النصائح للأصدقاء المقربين عن أهمية تنظيم ساعات اليوم واستثمارها بشكل صحيح، فنصائحي نصائح خبير يعرف الفوارق والنتائج، أبقى على هذا الحال ما يقرب عشرة أيام، أو أكثر بقليل، ثم تتكرر القصة القديمة من جديد، عدة أيام من الفوضى أو ما يشبهها، تنتهي بشعور بالملل والامتعاض والحيرة، إلى أن يخرج صوت نفسي، كلمات قاسية... “بق كبير”.. وأنا أجيب عنك.. ولن أصدقك مرة أخرى، فأذهب صامتاً لأرتب جدول الأيام القادمة، وأحقق معظم ما قررت تنفيذه.. هكذا هي الدائرة في السنوات الماضية.
أقدّر وأعي مدى نصائح الأصدقاء المخلصين، وأعرف قيمة ما أقرؤه من تجارب في السير الذاتية التي أفضل قراءتها، لكنني أعتقد بأن الإنسان هو الأقدر على فهم نفسه، ويعرف كيف يتفق معها بطريقة يفهمها جيداً وتناسبه دائماً، شريطة أن يخلص للاتفاق الذي يتوصلان إليه معاً، وأن يتراجع عن فعل التجاوزات على الاتفاق، بقي شيء مهم، وربما أكثر، لكن المهم والأساسي دائماً أن تكون هذه النفس متطلعة لما هو جيد لصاحبها، وأن يكون الإنسان نفسه عاقلاً وصالحًا، بالمناسبة.. بعض الفوضى استراحة.. واستعداد للقادم.