أحمد الحامد⁩
مخططات السنة الجديدة
2021-01-01
عند بداية كل عام، يضع بعضنا تصوُّرًا، أو خريطة طريق للعام الجديد، ويحاول فيه أن يصبح أفضل عبر اعتماد عادات جديدة، وتصرفات أشبه بالنموذجية، متخلِّصًا من كل عاداته التي يرى أنها سيئة ولا تصلح، ومنطلقًا مثل رجل فولاذي لا يقهر!
هذا ما يفعله الذين يمسكون بورقة وقلم عند رأس كل سنة، ويكتبون التعليمات للعام الجديد. وكيلا أظهر مُبالغًا في وصف هؤلاء الأشخاص، دعوني أقرِّب لكم المقصود. أنا.. مثالٌ لما وصفت، وأعلم أن هناك مَن هو مثلي. كنت عند بداية كل عام، أكتب لنفسي التوصيات الجديدة التي تضمن لي الشخص الذي أريده، وبوصف مجازي، أبدو مثل المغني الجميل الراحل شعبان عبد الرحيم في أغنيته الشهيرة:
حبطل السجاير وأكون إنسان جديد
ومن أول يناير خلاص حشيل حديد
مش هاسهر عالقهاوي ولا أصاحب أي حد
خلاص من بكره ناوي أعيش حياتي جد.
لكنني، ومَن هم مثلي، غالبًا ما كنا نفشل في تنفيذ مخططاتنا للعام الجديد، وأظن بعد مرور السنوات، أن سبب الفشل يعود إلى أن ما كتبناه عبارة عن رغبات غير حقيقية، أو غير جادة، لأن مَن يريد تغيير نفسه للأفضل لا ينتظر التواريخ، لا رأس السنة الجديدة، ولا شهر رمضان الكريم، ولا إجازته السنوية، بل يبدأ من الوقت الذي يدرك فيه حاجته إلى تغيير بعض سلوكياته وعاداته، دون انتظار للسنة الجديدة، أو أي مناسبة أخرى، لذا ومع التجربة، لم نعد أنا ومَن هم مثلي نحرص على وضع خطط لأسلوب حياة تبدأ عند بداية كل عام جديد، بل صرنا نبدأ التغيير في الوقت الذي نكتشف فيه حاجتنا إلى تغيير عادة ما ملازمة لنا، أو تنفيذ ما نحتاج إليه للضرورة، وقد نفعل ذلك تجنبًا للخسائر المعنوية والمادية، هذا في حال فعلنا ذلك ونجحنا في تنفيذه.
لا يرتبط التغيير نحو الأفضل بالتواريخ، بل بالإرادة العميقة التي يؤمن صاحبها بأنه يستحق الأفضل، أو أن الفرصة مواتية لفعل الأفضل، وأن للوصول إليه ثمنًا عليه أن يدفعه، أوله الجدِّيَّة، وأن لا أحد سينصفه إن لم ينصف هو نفسه أولًا، وهذا الإنصاف يأتي من خلال اختيار الطريق الأصعب والبعيد عن منطقة الراحة. الراحة دائمًا تأتي لاحقًا، التواريخ عملية تنظيم لأيام السنة فقط.