|


رياض المسلم
المعيوف بوزنه الزائد.. الأفضل
2021-01-17
في عام 2010م، جمعني مقعد طائرة في الدرجة السياحية بالقرب من الدولي عبدالله المعيوف حارس مرمى فريق الهلال الأول لكرة القدم، قبل أن تفرق جائحة كورونا بين المقاعد، فكان في طريقه من محافظة جدة إلى العاصمة الرياض، مستغلاً إجازة يومين للقاء أحبته، فقررت الدخول في نقاش كروي لعله يساعدنا في عدم التركيز على قيادة كابتن الطائرة، الذي نحمد الله أنه لم يخضع لاختبار دينزيل واشنطن في فيلم “فلايت”..
سألت الحارس “النحيل” لماذا لا يعود لتمثيل فريق الهلال من جديد، وهو الذي غادره بعد عام واحد فقط من صعوده إلى الفريق الأول؟.. فأجاب بأنه ينتظر الفرصة التي تعيده، وبدأ يتحدث عن طموحه وأهدافه المستقبلية، ورغبته في أن يكون الحارس الأول في السعودية، جاريته في الدردشة على ارتفاع 35 ألف قدم وأنا أهز الرأس، لم أكن أبالي فيما يقول وصنفته في خانة “الهذيان”.. لكنه كان جادًّا فيما ذهب إليه..
تمر الأعوام، ويعود المعيوف إلى الهلال في عام 2016، بعد تسعة أعوام قضاها مع الأهلي لم تكن خالية من الإنجازات، لكن عودته لم تأخذ الصيت الكبير كونه لم يصنّف من فئة “النجوم”، لكن سطوعه لم يكن يراه سوى عقله الباطن..
قاده طموحه إلى التشكيلة الأساسية فكان الحارس الأول في الهلال، والمنتخب السعودي، وأدركت حينها بأني لم أكن مصغيًا جيدًا، لذا أقف احترامًا لهذا الحارس العملاق..
عبدالله المعيوف تخلى عن جسمه “النحيل” فوصل بوزنه الزائد إلى أن يكون حارس المرمى السعودي الأول، هنا معادلة صعبة إيجاد تفسير علمي لها، لكنها حالة استثنائية تدل على أن طموحه لا يوقفه حتى الوزن الزائد، فأحرج كل مدرب وأجبره على أن يكون الحارس الأول..
المعيوف يغيب شهرًا كاملاً عن المباريات الرسمية، ويعود أمام الأهلي ويتصدى لركلة جزاء لأحد أفضل الهدافين في تاريخ الدوري السعودي، عمر السومة، ويطير يمنة ويسرة ليحمي العرين الأزرق بوزن يفوق الـ83 كيلوجرامًا، ويسجل نفسه النجم الأول في الكلاسيكو، رغم أن هناك أسماء لامعة بأجسام نحيلة، لكن ما الفائدة إذا كان الفكر لا يتناغم مع الجسد؟!
بعضهم يحاول أن يقلل من المعيوف بسبب وزنه الزائد، فيردد بأنه ليس هناك حراس مرمى سعوديون مميزين في الساحة، الأمر الذي جعله يتصدر لكن هذا الرأي يحمل كثيرًا من الإجحاف، وليس فيه إنصاف.. فهو اجتهد وعمل وأزال كل عقبة في طريق طموحه حتى الوزن الزائد.. فنحن أمام حارس استثنائي وتجربة مختلفة.. ويستحق ما وصل إليه وخير مثال للاعب الطموح..