|


أحمد الحامد⁩
سهلة من بعيد
2021-01-31
نظن أحيانًا أن ما نقوم به من عمل، خاصةً في ظل الضغوط، أصعب مما يقوم به غيرنا، ولا نغيِّر هذه النظرة حتى ندخل في تفاصيل عمل آخر، فتتغيَّر نظرتنا، ونتمسَّك بمهنتنا، ليس لأنها أقل جهدًا، بل لأننا أكثر معرفةً بها، وأكثر استقرارًا.
أقول ذلك بعد أن قرأت إعلانًا من شركة مختصَّة في تصنيع أسرَّة النوم، تطلب موظفًا براتب 3000 دولار شهريًّا مقابل أن ينام على كل سرير، ليعطي رأيه عن درجة الراحة التي شعر بها. يبدو الأمر سهلًا جدًّا، ويستطيع أي إنسان تأديته، لكنه ليس كذلك، فالشركة تشترط عليك، إذا تقدمت للوظيفة، أن تكون قادرًا على النوم العميق في الوقت الذي تطلبه منك! ثم إن من حقها، وأنت في نومك العميق، أن توقظك قبل أن تشبع نومًا! فكيف سيكون مزاجك بعد إيقاظك من نومك العميق؟ وهل لديك القدرة على أن تنام نومًا عميقًا في الوقت الذي يريدونه منك؟ أو أن تنام ساعات عدة متقطعة، وعلى أسرَّة مختلفة خلال ثماني ساعات؟
أخذني التفكير في مواصفات العمل “نائم” إلى ذلك السؤال الذي يطرحه الإنسان على نفسه عندما يمر بضغوط في عمله، حينها يسأل: لماذا اخترت مجال العمل هذا؟ أو: لماذا أضعت سنوات من عمري في عملي هذا؟
سبق أن خضت تجارب عدة من العمل، لا تشبه مجال عملي الرئيس، ووجدت أن الدخول في مجال عمل مختلف أشبه بالولادة من جديد، مع خوض غمار العمل الجديد دون خبرة وتجارب، كما أن التعرُّف على تفاصيل العمل يُظهر ما كان مخفيًّا منه، فلا يبدو من بعيد كما هو من قريب. عمل السائق مثلًا هو الجلوس خلف المقود، وقيادة السيارة. يبدو الأمر سهلًا، خاصةً إذا ما تخيَّلت نفسك تقودها وأنت تستمع إلى الأغنيات التي تحبها، لكنه ليس كذلك، فالجلوس طويلًا كل يوم أثناء قيادتك السيارة يسبِّب لك آلامًا في الجسد، كما أنه عمل خطير، لأن السائق يقضي ساعات عمله وهو معرَّضٌ في أي لحظة لحادث سير.
يرى بعضنا أنه مناسب للعمل في مجالات مختلفة عن مجاله، وغالبًا ما يكتشف عكس ما كان يعتقد، وأن استمراره سنوات في عمله الحالي سببه أنه مناسب لهذا العمل تحديدًا.
لا أظن أن هناك عملًا في العالم لا توجد فيه ضغوط، ولا تفاصيل متعبة، حتى العمل المريح جدًّا جدًّا قد تكون له سلبياته، منها الخمول وعدم التطور.