|


تركي السهلي
النصرُ نور
2021-02-01
وتدلّى العنقود الأصفر. لا أحد يجاريه حينما يحضر وفي غيابه لا أرض ولا أوراق ناضجة. وجهٌ من ربيع وخطوة من سماء. فاتحة الأمور وخاتمتها النصر. ليلة أول من أمس قضم العاصميّ تفاحته المعتادة ونام على شبع. لا يجوع النصراوي وهو ينتظر الوجبة الزرقاء. لا امتلاء للأزرق إن لم يظفر بالطعام الأصفر وكل ما لديه من كؤوس تتحول إلى أوانِ قرعٍ ما لم تكن مخطوفة من ذراع نصر.
شبّ الفارس النجدي ناره وهو في حال ارتعاش من برد وعطش، فالتحف بئراً وذاق الدفء. لم يكن في غيابٍ أصلاً، لكنّه لم يعلن طريقته في الحضور إلا وقتما طغى الجمود وطالت ليالي الوجوم واختبأت الطيور في تجاويف الجبال.
ريحٌ عاتية هو وسلسلة من غيم ومستطيل طويل ودائرة لا تُرسم بفرجار وقلمٌ لا ممحاة له، ولا نقط في أثره. مسيرة حقل وظلال عنب في استراحته، وفي تعبه وقوف نخيل وصوت جداول. النصر فصول الشمس وأيّام القمر، وهو الحصان والجمل وزاد المسافر. هو الطريق بالحفاة والكُساة. هو النهار والأنهار والأشرعة والجليد. النصر هو الطحين والتمر والحليب والأنعام. العزاء لمن لا يعرفه ومن جهله محروم.
رفيعٌ هذا المولود في العام 1955م وسيّدٌ مكانه الصدر والواجهة. فصيحٌ إلى الدرجة التي يُصبح معه الكلام لغة من خطابةٍ وشعر. اكتماله ولادة ونقصانه مرحلة نمو. ابتسامته عيد ودمعته رسالة غربة.
ظفر النصر ببطولة “السوبر” لأنه كان يريد أن ينتصر على ذاته لا على غريمه، ولأنه النبل والفروسية وعدالة الشجعان. أزال الأصفر عن كاهله بعض ما منع أن يكون خفيفاً رشيقاً وامتطى عمره المقبل وسافر بعيداً نحو الصغار المنتظرين له الواقفين من أجله الرافعين لرايته الفرحين بزمنه الجديد.
بنى القاطن غرب العاصمة الرياض بيته بيده وأسس لمساراته الواضحة بعمق تفكير واتضاح رؤية، فجنى حبّة واحدة ولا يزال في العنقود مزيد حبّات. هو يركض الآن ويرغب أن يقطع ما صعب من مسافات ولا يريد أن يتوقف كي لا تتثاقل وتصغر الخطوة. الأكثر سيأتي يا نصر فأنت اليوم تعرف جيداً كيف تتحرك في المساحة الصعبة وتعي مسافات المدى والحدود، وتملك الرمل والصخر والغصن والجذور. سواعد النصراوي أقوى في لحظته الراهنة وله في الآتِي سواعد أقوى ومعارك انتصار وجنود قتال لا عسكر حرس. لك المجد والشهد.. لك القلاع وممالك النحل.. لك الجناح والفلاح والقباب والمآذن.. لك الرواق والسور والاكتشاف والمأثور.. لك النور.