|


أحمد الحامد⁩
أسماء في الهاتف
2021-02-05
في هاتفي وفي هواتف الكثير ممن يقرؤون هذه الكلمات أسماء لا نتذكر أصحابها، لأننا لم نكتبها بصورة صحيحة تُعرّفنا عليهم إذا ما قرأناها بعد مدة، في هاتفي أسماء مثل: عبد الله قهوة، وليد مطار، نافع بخور، جاويد مصلّح! كل هذه الأسماء سجلتها بصورة مستعجلة، وغالباً أنني تعرفت على عبدالله في المقهى، وليد موظف في المطار أو شخص تعرفت عليه أثناء انتظار الصعود إلى الطائرة، ونافع بائع في محل لبيع البخور، أما جاويد فهو مصلّح للسيارات أو للأعطال الكهربائية في المنزل . لست متأكداً من وظائفهم لكنني أخمن أنها كذلك..
نحن نسَجل الأسماء أحياناً بصورة غير مكتملة، حتى عندما نكتب الاسم الأول مع اسم العائلة ننسى أن نكتب مهنة من سجلنا اسمه، ثم إذا ما بحثنا بعد مدة في الأسماء الموجودة في الهاتف، نجد أسماءً كثيرة لا نتذكر أصحابها، وأظن بأننا فعلنا ذلك إما خجلاً من طلب الاسم الكامل مع كتابة وظيفته، أو اعتماداً على ذاكرتنا التي غالباً ستنسى صاحب الاسم وصفته.
سبق أن تعرفت على رجل يبيع العسل، قال إنه يداوي عن طريق الوخز بالنحل، والمقصود هنا أن يجعل النحلة تلسعك في أماكن محددة يختارها هو، شيء أشبه بالإبر الصينية، كان اسمه سالم، ولأنه قال إن الوخز بالنحل يصفي الذهن، ولأنني كنت أعاني من التشتت الذهني وعدم التركيز، أعجبتني الفكرة، أحضر سالم عدة نحلات لسعتني في عدة أماكن، شعرت بالتحسن، فأخبرت صديقي خالد بالتطور الذهني الذي صرت عليه، أصر صديقي على أن آخذه إلى سالم، وفعلاً قام سالم بلسع صديقي خالد بعدة نحلات، لكنه لم يشعر بما شعرت به أنا من تحسن، بعد مدة عاودني عدم التركيز الذهني، بحثت عن رقم سالم فلم أجده، اتصلت بصديقي خالد الذي كان يحتفظ بالرقم، أرسل لي الرقم مع الاسم، وإذا بالاسم: سالم نحلة..
قبل أيام وأثناء انتظاري في صالة عيادة الأسنان، طالعت الأسماء التي سجلتها في هاتفي باستعجال ودون كتابتها كاملة مع وظيفة أصحابها، فوجدت: سعد تمر “على الأغلب بائع تمور”، فراس معرض “الأقرب أني التقيته في معرض ما”، مروان شقة “أظن بأنه يعمل في إيجار الشقق”.
وكما أفعل أنا بالأسماء وأصحابها، يفعل الآخرون بي نفس الأمر، تأكدت من ذلك عندما التقيت في دعوة عشاء بدكتور مختص بعلم الاجتماع، كنت قد استضفته في برنامج إذاعي قبل عدة أعوام، تبادلنا التحية، ثم أخرج هاتفه وسألني وهو يقرب هاتفه مني: هل مازلت تستخدم نفس الرقم؟ كان نفس الرقم، لكنني حينها لمحت اسمي المكتوب: أحمد إذاعة..