|


أحمد الحامد⁩
شاشة تلفزيونية
2021-02-06
يرتبط وجود البرامج التلفزيونية بالإعلان، وهذا يعني أن المعلن صار واحداً ممن يحددون محتوى البرامج، وإن لم يكن ذلك بصورة مباشرة، أو يعني أن خريطة البرامج ترسم وقد حسب حساب إرضاء المعلن، لا بعقلية تهتم بجودة المحتوى وفائدة المتلقي ومتعته فقط، لذلك صارت الكثير من برامج المحطات التلفزيونية الترفيهية تتشابه، ليس صدفة، بل لأن أمزجة المعلنين التجارية تتشابه، والمحطات تسعى لإرضائهم من أجل الفوز بالإعلان، لأن الإعلان وقود استمرارها.
هذه مشكلة دائرية الشكل، لأن المحطة الترفيهية تعتمد على دخلها من الإعلانات، وإذا قررت محطة تلفزيونية الاعتماد على تقديم المحتوى المشغول بصورة ممتازة، ويحتوي على المضمون الثري والمتعة ولعدة برامج تخاطب كافة الأعمار والشرائح، لواجهت أكثر من مشكلة، منها أنها تحتاج إلى وقت ليس بالقصير لكي تنتشر برامجها، ثم إلى استبيانات حقيقية عن حجم المشاهدة لهذه البرامج، كل ذلك موازٍ للتكلفة التي لابد أن تتحملها قبل أن يأتي المعلن، وهذه مسألة مكلفة، لأن المحتوى الإعلامي الممتاز يقابله فريق عمل ممتاز، وبالتالي تكلفة ليست منخفضة، لذلك تبدو المهمة ليست مكلفة فقط، بل مليئة بالمخاطر، هذا في حال كان لدى المحطة المقدرة المالية لتنفيذ ذلك، مع عدم نسيان أن التكلفة التشغيلية للمحطات مثل البث التلفزيوني مرتفع الثمن.
يعتقد بعض المشاهدين وهم يشاهدون محتوى غير مرضٍ بالنسبة لهم، بأن الحل سهل، وهو تقديم محتوى ممتاز ومبهر، وهذا صحيح، لكنه ليس بالسهولة التي يعتقدونها، لأنه مرتبط بالتكلفة، والتكلفة مرتبطة بالدخل المالي، والدخل المالي مرتبط بالمعلن، والمعلن يبحث عن أنواع معينة من البرامج تخاطب عادة شريحة محددة غالباً من الشباب فقط، وبالتالي يكون المعلن فعلياً صاحب قرار، وإن كان ذلك بصورة أشبه بالمخفية.
صناعة البرامج مثلها مثل الصناعات الأخرى، وتحكمها التفاصيل التي قد لا تبدو ظاهرة، والبرامج الممتازة والمبهرة مكلفة، وتكلفة صناعتها مثل تكلفة السيارات الفارهة، لذلك لا تصنع كل الشركات سياراتها بشكل فاخر.