|


أحمد الحامد⁩
آلام الطريق
2021-02-12
إذا كنت ملاكماً، فإنك أثناء كل نزال ستتلقى العديد من الضربات، وسُتظهر الصور وجهك المتورّم، هذه طبيعة الملاكمة، مهما انتصرت وحققت البطولات لابد أن تتلقى الضربات المؤلمة وتشعر أثناء النزال بأن أنفاسك تتقطع، وأن يدك ثقيلة وبالكاد توصل قبضتها إلى وجه خصمك..
كما أن السقوط على الأرض من المشاهد المعتادة، وقد تخسر المباراة وتخرج محبطاً، لكنك تفوز في المرة القادمة إذا ما عدت للمنازلة، قد تخسر أيضاً في المرة الثانية، لكنك ستفوز في المرة الثالثة أو في العاشرة، وفي ذلك ستحصد نتاج صبرك وتتشكل مسيرتك الناجحة.
في كرة القدم، سُجل في مرمى أعظم الأندية أهداف كثيرة، يظهر في لقطات الأهداف كيف مرر المهاجمون الكرة بين أقدام دفاعات تلك الأندية العريقة، وتُظهر اللقطات حراس المرمى وهم ملقون على الأرض، بينما راحت عيونهم تتابع الكرة وهي تعانق الشباك، لكن الفريق الكبير هو من يسجل أهدافاً أكثر من تلك التي تلقاها، لذلك يحصل على البطولات، في الحياة لا يعتبر تلقي الضربات أو الفشل في تجربة ما أمراً غريباً أو استثنائياً، بل هو من طبيعتها، مثل وجود الجبال والأنهار والغيوم على الأرض، كذلك مسيرة النجاح لا تأتي على شكل زجاجة أنيقة جاهزة،
بل بعد تحمل كل نتائج الإخفاقات والمجهود والصبر في عملية تصنيعها الطويلة، لا أتذكر سيرة من سير الزملاء أو ممن قرأت عنهم لا توجد فيها إخفاقات مؤلمة، بل حتى هزائم، لكنهم كانوا الأكثر قدرة على التحمل من الذين فضّلوا ترك أحلامهم، وهجر شغفهم.
بالأمس تلقيت هدية لذيذة جداً عبارة عن علبة من الحلويات الفاخرة، كانت من صديق قديم، اتبع هذا الصديق شغفه منذ بدايات شبابه عندما اكتشف أن عالم الحلوى هو عالمه، وبدأ هاوياً صغيراً يصنع الحلوى في مطبخ بيته ويقدمها لأصدقائه ويسجل ملاحظاتهم، ثم عمل طوال سنوات في مصانع الحلوى كعامل وهو بالكاد يسد مصاريفه، ثم افتتح معمله الصغير جداً، لكنه بعد سنوات قليلة وبسبب ظرف ما خسر كل شيء، ثم عاد من جديد يتبع شغفه وخبرته، ليحقق هذه المرة النجاح، أما علبة الحلوى التي أرسلها لي فهي تشبه تلك العلب السويسرية طعماً وشكلاً.
نبقى نتعلم في مسيرة العمر، لكن معرفة بعض الحقائق المهمة في أول أو منتصف الطريق تختصر علينا الكثير من العناء والندم.