|


أحمد الحامد⁩
الإذاعة في يومها العالمي
2021-02-13
وسائل التواصل المستقبلية ستكون مختلفة عما هو متاح الآن، ولا شك أنها ستكون أكثر تطوراً، لكنها مهما تعددت ستدور في فلك الحواس، لذلك أخطأ كل من راهن على زوال الإذاعة، هل من الممكن أن نستغني عن حاسة السمع؟
بالأمس صادف اليوم العالمي للإذاعة، والإذاعة مع ثورة الإنترنت عانت من عدم تفهم أو تسّرع، عندما تم القفز على الصوت لحساب الصورة والفيديو، لأن صنّاع وسائل التواصل الحديثة شعروا برغبة الناس الشديدة برؤية العالم وباقي البشر في أنحاء الأرض، لذلك انحسر الاستماع للإذاعة في المنازل وبقي في السيارات كرفيق لا يتطلب النظر إليه. عندما أطلق تطبيق clubhouse الصوتي قبل عام بدأ الناس باستخدامه واستطاع في الأسابيع الماضية جذب مئات الآلاف إليه، بعد حملات تسويقية شاركت فيها شخصيات عالمية، مع أن لا صورة ولا كتابة فيه، قد يكون المستخدمون اشتاقوا إلى حاسة من حواسهم التي لم يستهلكوها كما فعلوا مع حاسة النظر، ولأن الاستماع أكثر هدوءًا وخيالاً، ولأنه وسيلة غير متكلفة باستثناء أناقة التحدث وفائدة المحتوى ومتعته.
إذا كان هناك مأزق تواجهه الإذاعة في عالمنا العربي تحديداً في عزوف المستمعين داخل منازلهم، فالمشكلة ليست في الوسيلة، بل في محتوى الوسيلة، لأن المحتوى الإذاعي في عالمنا العربي غالباً ما أطّر نفسه داخل إطار المحتوى الصوتي الخفيف وغير المشغول بعناية، مع الاعتماد على وجود الأغنية في معظم فترات البث، وعدم التوازن هذا لا يصلح في الوقت الذي تتواجد فيه كل أغاني العالم في اليوتيوب، ويستطيع المستمع الوصول إليها دون الحاجة لفتح الراديو. نسي صناع بعض الإذاعات العربية أن الأغنية في الإذاعة هي عامل مكمّل للمحتوى الصوتي الذي يقدمه المذيع، وليس العكس، عدم تفهم ذلك أنتج أيضاً وجود أصوات لا يتطلب وجودها مهارات عالية، طالما أن المحتوى مجرد ربط إذاعي خفيف وقصير. لماذا مازلنا نستمع لمحمد عبده رغم أنه يغني منذ 60 عامًا؟ ببساطة لأنه يقدم أغاني رائعة، نحن لا نشاهده بل نستمع إليه ونحن في منازلنا، لذلك لو عملت كل الإذاعات على تقديم المحتوى الممتاز لاستمع إليها المستمعون في منازلهم، الآن ومع انطلاقة البرنامج الصوتي clubhouse هناك عودة منزلية للاستماع، وستنجح غرف الاستماع التي يقدم فيها محتوى ممتاز.
لن أنسى أن أبارك لكل الإذاعيين في اليوم العالمي للإذاعة، ولمحبي الإذاعة أيضاً، فاصل ونلتقي غداً إن شاء الله.