نالت الأسماء الكبيرة في عالم الشعر الغنائي شهرتها لأن إبداعها كبير أولاً، كما أن أصوات المغنين ساهمت في نشر كلماتهم مساهمة استثنائية، وطافت بأسمائهم إلى المستمعين الذين لا يقرؤون الشعر، لذلك صار بعض الشعراء الجدد يحرصون على أن تغنى أشعارهم، لإدراكهم بأن صوت الفنان الناجح يقدمهم للجمهور بسرعة الطائرة.
لكن ليس كل الشعراء الشباب يستطيعون الوصول إلى حناجر المغنين المشاهير، لأن هذه الحناجر لديها طابور طويل من القصائد ينتظر أصحابها أن تغنى، وفي نفس الوقت يحرص المغنون على أن يغنوا للأسماء الشهيرة أولاً، وهذا ما صعّب الأمر على الشعراء الشباب.. قبل أعوام التقيت مع أحد الشعراء الشباب الذي تغنى بقصائده قلة من المطربين، حينها كان يحاول أن يغني له أحد المغنين المشهورين، ورغم معرفة الشاعر بهذا المغني، إلا أن المغني لم يختر أي قصيدة من قصائده، ولأنني أعرف المغني معرفة جيدة، اشتكى لي هذا الشاعر الشاب من عزوف المغني عنه، لأن المغني كان يبحث عن قصائد الأسماء الكبيرة فقط، فكرت في الأمر وتوصلت إلى خطة، طلبت من الشاعر أن يسمعني إحدى قصائده التي لم يسمعها للمغني وقمت بحفظها، وذهبت مع الشاعر إلى المغني في بيته، بعد نصف ساعة قلت للمغني: أحفظ قصيدة للأمير بدر بن عبدالمحسن، أسمعني إياها قبل أسبوع واحد، ثم ألقيت القصيدة أمام المغني الذي لم يكن على علاقة مع الأمير، ما إن سمع المغني القصيدة حتى تأثر بروعة موضوع القصيدة وقوتها، ثم قال وهو يرجوني أن أحصل له على تنازل للقصيدة من الأمير لكي يضمها لألبومه الجديد، وعدته أن أفعل على أن يقوم بتلحينها أولاً، أمسك بالعود وراح يدندن، وبعد ساعتين كان اللحن مكتملاً وظهرت الأغنية بشكل رومانسي رائع، كانت فرحة المغني كبيرة بالأغنية الجديدة، لكنه عبر عن قلقه من أن يكون مغن آخر قد سبقه وأخذ كلمات الأغنية من الأمير، في آخر اللقاء وبعد ولادة الأغنية التي غمرت المغني بالسعادة الكبيرة، أخبرته بأن كاتب الكلمات ليس بالأمير بدر، إنما هو شاعرنا الشاب الذي يجلس بجانبه.. نظر المغني نحو شاعرنا وقال له: “أنت؟! تصدق كنت حاس فيه ضعف بالكلام”.. أُحبط الشاعر ودخلت أنا في نقاش مع المغني انتهى برفضه لكلمات الأغنية، أرسل الشاعر الكلمات لأحد الملحنين الكبار، وبعد أشهر قليلة غنى الكلمات الفنان الكبير طلال سلامة، وكانت إحدى أجمل أغانيه في الألبوم.. الفارق أن طلال تعامل مع الكلمة، والكلمة من أضلاع الأغنية.