|


أحمد الحامد⁩
موهبة اسمها المثابرة
2021-02-21
حاولت تنفيذ بعض الأفكار، وتوقفت بعد البدايات بقليل، بعضها كانت لها تكاليفها المالية وإن كانت صغيرة، بالإضافة للوقت والجهد الذي بذلته، كان سبب التوقف أنني لم أكن مثابراً، وفضلت حينها منطقة الراحة، وهي من أخطر المناطق التي يضع الإنسان نفسه فيها، ليس لأنه لن ينجز شيئاً فقط، بل لأن الكسل مرهق ويجذب كل الأفكار السلبية لعقل الإنسان.
قد يكون الحديث عن أهمية المثابرة كلاماً كلاسيكياً ومعتاداً، وهذا صحيح، لكن التنبيه والتذكير هنا للذين يتساءلون عن سبب عدم استمرارهم في تنفيذ أفكارهم وتخليهم عنها في البداية أو في المنتصف، هؤلاء ولا أدري إن كان يصح القول بأنني واحد منهم، وقد أكون، نسوا عندما بدؤوا في تنفيذ فكرة من أفكارهم أن جمال الفكرة وأهميتها لا يكفي أبداً، طالما لم يكن مع صاحبها القوة على المثابرة، بل قد تكون المثابرة القوية والمنتظمة قادرة على إنجاح فكرة ذات مستوى متوسط، بينما تفشل الفكرة العبقرية إذا ما كان صاحبها غير مثابر.
اليوم عندما أرى بعض الأذكياء من دون عمل يختصون فيه، بل أحياناً من دون عمل، أجد بأن بعضهم خاضوا غمار الكثير من الأعمال والتجارب والأفكار لكنهم تخلوا عنها في الوقت الذي كان من المفترض أن يتمسكوا فيها، لكن حالة التمسك هذه كانت تتطلب المثابرة، والمثابرة تحتاج إلى أناس لديهم القدرة على تحمل رعاية فكرتهم أو مشروعهم الجديد بنفس طويل وقدرة على التكيف. قبل أيام قرأت دراسة تشير إلى أن بعض الطامحين يتخلون عن تنفيذ أفكارهم بعد عدة أيام أو أسابيع من البداية، بينما يحتاج الإنسان 9 أشهر على الأقل لكي يصبغ على نفسه صفة العمل الذي يقوم به.
يدفع المثابر ثمناً باهظاً من وقته وطاقته، وغالباً لا يرى هذا الثمن كل من ينظر من بعد، فيتخيل بأن من أنجز أمراً ما كان طريقه سهلاً أو عادياً، وهذا الرأي فيه سوء تقييم لجهود الآخرين وظلم لقوتهم الداخلية. أعرف رجلًا ملولاً، لكنه كان ذكياً وصاحب أفكار متقدمة، أراد أن ينفذ فكرة تجارية، كان لديه رأس المال الكافي، لكنه بحث عن رجل تنفيذي وأدخله شريكاً له بالإضافة لراتب شهري محترم، عندما سُئل عن كرمه الحاتمي قال بإنه لم يكن كريماً بل منصف، لأن هذا الشريك لديه القدرة على تكرار نفس العمل بشكل يومي ولسنوات طويلة، وهذا ما لا يطيقه هو.
اليوم كلما رأيت أحدهم يعمل بقوة ونشاط في نفس العمل ولسنوات طويلة، أعرف بأنه موهوب جداً، أما موهبته فاسمها المثابرة.