|


فهد الروقي
بطرس الشقي
2021-02-26
في إحدى قرى “جواتيمالا” كان هناك شاب ثري يعيش في قرية ساحلية، تحدها من جنوب غابات شاسعة.. وكان الشاب الوارث شقيًّا وسيئ العشرة والمعاملة، ولا يكاد يمر يوم إلا ويحدث مشكلة تارة مع الجيران وأخرى مع المارة وثالثة مع زوار القرية وضيوفها، ورابعة مع كبار وجهاء القرية..
بل وصل به الحال إلى الدخول في مهاترات مع أهل بيته، حتى كادوا يطردونه من البيت في يوم من الأيام، قبل أن تتدخل جدته الكفيفة وتتوسل إليهم بانكسار شديد بالإبقاء عليه حتى حين، وكان من شدّة مكره أنه يتخلّى عن غطرسته وشموخه في لحظات ضعفه، وقد يهدأ ولا يفتعل المشاكل لبرهة من الزمن يتصنع فيها المثالية والالتزام بالخلق والسلوك المستقيم، لكنه لا يلبث أن يعود لما هو عليه حينما يشتد عوده ويرضى عنه بعض شباب القرية، ويصبحون سندًا له، وهو في هذا الجانب يمتلك من الخبث والمكر الشيء الكثير، حيث لا يتصادم معهم ألبتة بل يسعى لإرضائهم بوسائل عدة ويعرف مكامن ضعفهم، فهم في الأساس مجموعة من الفاشلين العاطلين فيمنحهم المال أولاً، ولمعرفته العميقة بهم يدرك أنهم يعانون من مركبات وعقد نقص شديدة الحساسية من مجموعة شباب آخرين حاصلين على أعلى الشهادات العلمية والعملية، وهؤلاء أعلاهم قيمة علمية “ساقط خامس ليلي”، ويمتلك خبرة في التفحيط والتسوّل..
هؤلاء “الشلّة التعيسة” ومعهم الولد الشقي المسمى “بطرس أفندم” يمتازون بالقذارة والرائحة الكريهة، فهم لا يغتسلون إلا نادرًا وأغلب اغتسالهم يكون في مستنقع متسخ يقع أسفل القرية يستخدمه أهلها كمكب للنفايات، وعادة تخرج منه روائح عفنة، لذا يظل المكان مهجورًا ولا يأتي إليه باستمرار إلا هؤلاء الفتية الأشقياء مع قائدهم، والذين أصبحوا يدينون له بالولاء والطاعة بعد أن غسل أدمغتهم المعطلة أساسًا بمكر ودهاء..
فقد تحولوا إلى ما يشبه الآلة الإعلامية في تبرير تجاوزاته المتكررة حتى الفاضح والواضح منها، ويكفيه أن حاول تدنيس مقدس في القرية وقد غضب منه أهلها وطالبوا بطرده منها، لكن مشكلته قد وئدت وافتعلت مشكلة أخرى لصرف الأنظار عنها وفق طريقة صرف أنظار يبرعون بها، ويترفع عنها بقية شباب القرية ليقينهم بأن الأخطاء لا تبرر ولا يدافع عنها، ولثقتهم بأن الولد الشقي سيسقط في شرّ أعماله وسينقلب عليه أتباعه في يوم ما، فالأيام عند العقلاء دول ولا يستمر على حال لها شأن.
الهاء الرابعة
أسْوَا العَوَاقِبِ يَاْسٌ قَبْلَهُ أَمَلٌ
وأَعْضَلُ الدَّاءِ نُكْسٌ بَعْدَ إِبْلاَلِ
والمَرْءُ طاعَةُ أَيَّامٍ تُنَقِّلُهُ
تَنَقُّلَ الظِّلِّ مِنْ حَالٍ إِلى حَالِ