أحمد الحامد⁩
الجانب الأجمل
2021-03-19
الجانب الأجمل في الإنسان مصدر قوته، الجانب الأضعف دائمًا موجود لكنه غير مؤثر إذا كان الإنسان يستثمر في جانبه الأجمل بصورة دائمة، دييغو مارادونا كان قصيراً وغير فعّال في الكرات العالية، لذلك كان يختص بركل كرات الزاوية، لكنه حرّيف تمريرات وهدّاف، لهذا لا يقول أحد إن مارادونا لاعب قصير القامة، بل لاعب أسطوري، ميسي لا يسجل برأسه، لكن الأهداف التي سجلها بقدمه جعلت من الضعف الذي يعانيه في استخدام رأسه مسألة منسية..
عاد أحد الزملاء من مؤتمر صحفي لكاتب كبير، كان الزميل مستغرباً من صراحة الكاتب الذي افتتح المؤتمر بالقول: “أنا معرفش أتكلم لكن أعرف أجاوب على الأسئلة”، كان الزميل يريد من الكاتب أن يكون كاتباً وخطيباً في نفس الوقت، أجابه زميل آخر بأنك حضرت مؤتمر الذي يكتب رواياته على الورق، فلا تطالبه بأن يتحول إلى متحدث بنفس مستوى كتابته التي جعلتك تحضر مؤتمره.
قبل أيام قرأت هذا التصريح للفنانة نوال بعد أن طالبها جمهورها بالظهور على سناب شات وبصورة منتظمة: “شنو تبون أصوّر بسناب؟ أنا لي 37 سنه في المجال الفني، إلا أنني لا أعرف كيف أتعامل مع الكاميرا”. معظم الفنانين لا يكتبون كلمات أغانيهم ولا يلحنونها، أعرف بعض المغنين لديهم ملكة الكتابة وموهبة التلحين، لكنهم لا يلحنون أو يكتبون لأنفسهم لأنه جانبهم الأضعف أمام موهبة صوتهم الكبيرة.
انتبه لذلك الملحن ناصر الصالح عندما كان مغنياً، لأنه وبعد عدة ألبومات وجد أن الناس تحب ألحانه في أغانيه، وعندما قدم ألحانه لبعض الفنانين ولاقت النجاح توقف عن الغناء، لأنه اكتشف أن التلحين جانبه الأجمل والغناء جانبه الأضعف، لذلك صار ناصر الصالح ملحناً كبيراً لا مغنياً كبيراً.
في التسعينيات الميلادية تعرفت على أحد الطلبة العرب، كان يدرس صناعة الحلويات في معهد إنجليزي، وكان لديه من المهارة ما يضمن ألا تبقي شيئاً في الصحن الذي يضع لك فيه ما يصنعه من حلوى، توقعت أن يصبح صاحب مصنع للحلويات في المستقبل، لكنني تفاجأت عندما التقيته بعد مرور سنوات أنه مختص بصناعة الحلوى في أحد المطاعم، وعندما سألته لماذا لا تفتح مصنعك وإن كان صغيراً، أجابني بما لم أفهمه حينها جيداً، وقال بإنه متميز في صناعة الحلوى وليس في إدارة المصانع، لذلك لا أحاول الخروج عمّا تميزت فيه.