أحمد الحامد⁩
(سِرُّ المدرب)
2021-03-27
في بدايات الشباب كنت أريد تغيير العالم للأفضل، الآن وأنا أدخل مرحلة ما بعد الشباب أريد تغيير نفسي فقط، أن ألتزم بقراراتي التي تبدو صغيرة، أن أنام قبل الحادية عشرة مساءً وأصحو عند السادسة صباحاً، أن ألتزم بتناول الفطور كل صباح، ولا أنام بعد وجبة الغداء مباشرة، ألا يمر يوماً دون أن أمشي نصف ساعة، وأن أقرأ عدداً من الصفحات يومياً، ألا أضيع ساعات من يومي من دون فائدة ممتعة.
أن أخصص وقتاً محدداً للتحضير للعمل، لا أظن شخصاً لا يستطيع ضبط نفسه يستطيع ضبط شيء آخر، وأعتقد أن كل صاحب فكرة طموحة أو يسعى نحو هدف معين عليه أن يسعى لضبط نفسه أولاً، حتى لا يفشل، ليس لأن فكرته سيئة وغير قابلة للتنفيذ والنجاح، بل لأن سلوكه في التعامل مع يومه سلوك غير مناسب. التقيت قبل أشهر مع أحد زملاء غازي القصيبي رحمه الله، راح يحدثني عنه وعن أسباب كتابته التي تعتبر غزيرة إذا ما تذكرنا مهامه الرسمية، قال بأن غازي كان رجلاً منظماً ومنضبطا، حتى في العزاء الذي أقامه في بيته عندما توفي أحد أفراد عائلته، علق لوحة على باب الدار وكتب عليها الساعات التي يستقبل فيها العزاء.
ما زلت أتذكر مدرب كرة القدم الذي قام بتدريبنا في موسم من مواسم الدوري الشعبي في بريطانيا قبل 27 عاماً، وهو أشبه بدوري الحواري لكن بصورة أوسع، كان لدينا من اللاعبين من يمتلكون مهارات عجيبة، وكنا قبل مجيء المدرب نفوز ونخسر، وننهي البطولات دون أن نحقق بطولة أو نحتل ترتيباً متميزاً، عندما جاء المدرب قال بأنه سيعمل على تفعيل الانضباط في الفريق، وسوف يستغني عن كل لاعب غير منضبط مهما كانت مهاراته وسمعته، زاد من حصص التدريب، واستبعد ثلاثة لاعبين مميزين، لأنهم كانوا يتأخرون في الحضور للحصة التدريبية، ولا يلتزمون بتعليمات المدرب أثناء التدريب، عمل هذا المدرب على ضبط سلوكنا بشكل دقيق، وفي البطولة الثانية بعد مجيئه حققنا البطولة، كانت البطولة الأولى والأخيرة لنا، لأنه غادرنا بعدما التقط معنا عدة صور ونحن نحمل الكأس، ما زلت أتذكر كلماته بعد أن هدأ احتفالنا، قال: لم تنقصكم المهارات قبل أن أتولى مهمة تدريبكم، لقد كنتم غير منضبطين، هذا هو السر!