أحمد الحامد⁩
قوة الحب
2021-04-02
عندما أحببت مدرس التاريخ في المرحلة المتوسطة أحببت مادة التاريخ، وأحببت اليوم الذي سيعطينا فيه مدرسنا درساً جديداً، لذلك حصلت على علامات مرتفعة في اختبارات مادة التاريخ، هذا ما فعلته محبتي للأستاذ، حتى زملائي في الفصل حصلوا على علامات مرتفعة، أما مدرسنا فلم يبذل جهداً تعليمياً أكثر من زملائه، سوى أنه جعلنا نحبه لأنه كان عطوفاً وودوداً.
تذكرت المشكلة التي وقعت بين صديقين وكان أحدهما تجاوز على الآخر كثيراً، اعتذر المخطئ فلم يقبل صديقه اعتذاره، أحضر إليه بعض الأصدقاء المشتركين كوسطاء مصالحة وفشلت المحاولات، لكنه فكر في شخص ما، أحضره للصديق فقبل بالمصالحة، بعدما عادت صداقتهما سأل الصديق الذي أخطأ في حق صديقه: لماذا رفضت وساطات كل من أحضرتهم وقبلت بوساطة فلان؟ أجاب: لأنني أحبه. أما فلان الذي قبلت وساطته فلم يبذل جهداً كبيراً في الوساطة سوى أنه كان محبوبا بسبب رفقه وعطفه على من حوله.
من يقرأ عن حياة الكاتب الإنجليزي تشارلز ديكينز يرى أن تشارلز تحدث عن أخطاء والده المتكررة في إدارة اقتصاديات العائلة، فوالده الموظف كان من النوع الذي يعيش حياة المرفهين عدة أيام بعد استلامه لراتبه، لكنه بعد هذه الأيام القليلة ينضم لجموع الفقراء والكادحين بقية الشهر، كان من النوع الذي يتوهم بأن مبلغاً ما قادم إليه.. من أين وكيف؟ لا يعلم.. لذلك لم يصل إليه سوى راتبه الذي كان ينفقه بطريقة خاطئة، تراكمت الديون على والد تشارلز ودخل السجن ودخل تشارلز وأسرته السجن مع والدهم، يبدو أن المدين الذي يعجز عن السداد في ذلك الوقت يستطيع أن يسجن معه زوجته وأبناءه، لأن السجن كان يوفر المكان والطعام، وهو ما لن يستطيع توفيره لهم وهو في السجن، عاش تشارلز حياة صعبة وعمل منذ طفولته على حساب سنوات من مدرسته التي كان يحبها ويتألم على فراقها، وعندما كبر قليلاً وبدأ بالنشر بعد ظهور موهبته، تحسنت الحالة المادية للأسرة، بقيّ تشارلز محباً لوالده ومتجاوزًا كل أخطاءه التي أحزنت العائلة، لأن والده كان عطوفاً ودوداً.