أحمد الحامد⁩
من لا يقرأ التاريخ
2021-04-10
استوقفتني تغريدة للكاتب مفرج المجفل “على المرء منا أن يتعافى من نفسه أولاً”، ومنذ أيام وأنا أفسّرها بأكثر من تفسير، قد يكون سبب إعجابي بمضمونها أنها وافقت نتائج آمنت بها.
وهي أن الإنسان يجب أن يبدأ بنفسه أولاً، فهمت من التغريدة بأن المرء يجب أن يتعافى من رغبات نفسه اللا محدودة، ويضع لها حدوداً وسطية تتوقف عندها، لأن النفس إن لم تُوقف فلن تتوقف، الأمر الذي يجب ألا توقف النفس عنه هو ما يدور في فلك الخير والتسامح، عدا ذلك لا أظن أن أحداً أفلت العيار لنفسه وحصل على نتائج حسنة، على الأقل بينه وبين ضميره، التفسير الثاني أن الإنسان بطبعه لا ينظر إلى نفسه كما ينظر إلى غيره، فيرى أخطاءهم ولا يرى أخطاءه، ويرى أنانيتهم ولا يرى أنانيته، ويرى رغباتهم على أنها أطماع، ويرى رغباته على أنها طموحات مشروعة، ولكي يكون منطقياً وعاقلاً عليه أن يتخلص من هذا التناقض الثقيل أولاً، لأنه يعيش بين الناس الذين لا يتفهمهم كما يتفهم ويبرر لنفسه، وهو ما يصعّب حياته ويصنع مشاكله وخصومه، وبالطبع ليس جميع البشر كما وصفت، فهناك من يعيشون بالمعادلة الصالحة للحياة التي تجمع كل ما هو خيّر ومشروع، وهذا ما يبحث عنه جزء من البشر ويتمنون الوصول إلى هذه المعادلة ويستقرون فيها، وهي معادلة ذكية لأن نتائجها رابحة، وأظن أن المقولة موجهة إليهم، قد يكون تفسير التغريدة يشمل الرأيين، وقد يكون لها تفسير ثالث أو رابع لا أعرفه.
مهما تعددت الأفكار أو النصائح إلا أن الصحيح منها من تكون الأخلاق إطاره الثابت، وقد تكون الأخلاق العالية هي اختصار ومفتاحًا لكل ما يطمئن النفس ويقنعها ويضمن تصالحها، على أن هذه المهمة لها ثمنها الذي يجب أن يقدمه الإنسان، أولها الشجاعة، فيدفع ثمن نتائج صدقه، ويتحمل الضغوطات في سبيل أمانته، ويبعد نفسه عن كل ما يضعفها، ومن لا يلتزم بمثل هذه المواصفات فكل ما يحاول تفسيره لتصرفاته إنما هي تفسيرات لنفس إما سيئة أو جاهلة تدور في حلقة بعيدة عن الأخلاق. لأحمد شوقي بيت معروف، اختصر فيه الطريق للباحثين عن الراحة الحقيقية بكل ما تحمله من قيم محترمة، وهي وصفة ناجحة منذ قديم الزمن، وكما يقال: من لا يقرأ التاريخ يكرر أخطاءه.
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوّم النفس بالأخلاق تستقم