|


طلال الحمود
منصة ارتباك
2021-04-17
لم تعرف حقوق البث التلفزيوني صراعًا يوازي ما حدث على خلفية الأزمة الخليجية الأخيرة، بعدما تحولت القنوات الرياضية إلى منابر سياسية للنيل من دولة على حساب أخرى، ما قاد بعض البلدان للعمل على فك احتكار جهات بعينها للحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حتى لو تطلب الأمر فصل السعودية مثلاً وتصنيفها منطقة بث مستقل.
وجاء منح السعودية حقوق بث مستقلة بمثابة كارثة للاتحاد الآسيوي تحديدًا، لأن الشركات صاحبة العطاءات ليست مستعدة لدفع ملايين الدولارات بدون الحصول على امتياز السوق الإعلانية والاستهلاكية الأكبر والأهم في غرب القارة، وهذا ما حدث حين تم توزيع غرب آسيا إلى أربع مناطق تتبع للسعودية والإمارات وإيران، بينما تضم الرابعة بقية البلدان، وهذا إجراء يمهد مستقبلاً ًللحصول على حقوق المنافسات العالمية كمنطقة مستقلة بعد اعتراف الاتحاد الآسيوي بالتصنيف الجديد.
وتبقى المشكلة الكبرى في طريقة تعامل المناطق المستقلة مع حقوق البث، خاصة أن الجولة الأولى من مباريات دوري أبطال آسيا برهنت على عدم استعداد الجهة صاحبة الحقوق لتقديم الخدمة للمشاهدين أو حتى تسويقها داخل منطقة امتيازها، وغالبًا يرجع الأمر إلى جهل في طريقة التسويق، إذ لم تحدد شركة الرياضة السعودية حتى الآن دورها في تسويق المنتج، لأن صاحب الحقوق إما أن يكون موزعًا من خلال بيع الحقوق لأكثر من جهة تضمن الالتزام بشروط البث وتضمن تحقيق أرباح من توزيع الحقوق تفوق ما تم دفعه للاتحاد الآسيوي، وإما أن تحتكر الحقوق وتتولى بثها من خلال إنشاء قنوات ومنصات إلكترونية خاصة قادرة على تقديم خدمة تلفزيونية مميزة.
ما حدث في قضية الحقوق أشبه بحصول تاجر مواد غذائية على امتياز تسويق مجوهرات في بلاده، وبدلاً من توزيعها على المحلات المتخصصة ببيع الأحجار الكريمة للحصول على الربح، اختار هذا التاجر أن يحتكر بيعها في زاوية من متجره إلى جانب المعلبات وأكياس الأرز، ما يتطلب أن تعيد شركة الرياضة السعودية حساباتها، وأن تتخلى عن فكرة الاحتكار المخالفة لنظام حماية المنافسة، من خلال العمل كوكيل لتوزيع الحقوق ومنح القنوات وشركات الاتصالات الحصول على الحقوق، تمهيدًا لتوفير الخدمة وإتاحتها أمام المشاهدين على أكثر من منصة.
عمومًا.. كانت الخطوة الأصعب تتمثل بالحصول على الحقوق، وبقي أن تدار هذه المكاسب من طرف مختصين حتى لو كانوا من خارج البلاد، خاصة مع فشل الأسماء التي تتصدر عادة المشهد عندما يأتي الحديث عن حقوق البث.