|


تركي السهلي
فهد المشيقح
2021-04-27
مثل نسمة باردة وسط مناخ حارّ يكون فهد المشيقح في النصر. وما إن تشتعل حرائق الأصفر حتى يكون “العميد” رجل الإطفاء الأوّل.
وما إن يتشكّل في النادي العاصميّ الكبير زمن تكتّل حتى يكون سيّد التوافقات وجامع الصفوف والمُبادر الأكبر. لم يخذل العسكري الكبير ناديه يومًا ولم يتراجع قط عن أيّة خطوة كانت لازمة وواجبة التنفيذ ولم يجعل من تاريخه الطويل مع إدارات متعاقبة حجر عثرة أو طريقًا للتدخّل وفرض الرأي أو مسوّغًا لإيجاد مركز يتحرّك منه لرسم موقفه الخاص. لم يكن فهد بن سليمان المشيقح داعمًا محددًا في هذا الإطار بل كان رجلًا متجاوزًا جدًا يحمل بين جنباته قلبًا لا ينبض إلاّ بالنصر يأخذه معه في رحلة العمر ممرًّا لا يسلك سواه.
هو في النصر “عميد”، لا يقفز على مكانة أحد، ولا يرحل عن موقعه. وإن غادر يومًا عزيز من الكيان الأصفر وضعه في خانة التكريم وترك للتاريخ كتابة المرحلة. وإن تطلّبته المعركة حمل سيفه وقاتل مع الجُند. وإن حلّ الربيع في الأرض الصفراء أزهر كما لم ينبت من قبل.
وفي كُل الأزمنة، مرّت على البيت النصراوي اهتزازات شديدة كان هو الركن فيها والباني لعمود الثبات، وكأنّه كان يعمل طوال الفترات بعقلين يحضران مع كُل متغيّر ولا يفضّل طرفًا على طرف بل كان نصراويًا أصيلًا لا يُعلي شأنًا لغير الأصفر، وحين تدلهمّ الأمور يُنادى على “العميد”.
لم يكن الرجل الرزين طارئًا في الحالة الصفراء منذ بدايتها وحتى وقتها الراهن، بل كان الباب الذي على الجميع أن يطرقه حتى تتحقق مفاتيح الحلول لها وتتضح رؤيتها. لا يغيب يومًا وإن غاب صمت الجميع بحثًا عنه.
اليوم، يجلس المشيقح بجانب النصر من بيته مشجّعًا كما كان، في ظلّ العزل والتباعد، وهو الذي لم يترك مكانه في “المنصّة” يومًا. ورغم هذا، ليس هناك وقت يستحوذ عليه إلاّ دقائق النصر وركضه خلف تحقيق ذاته، ولا مجال أمامه إلاّ ارتواء العشق مهما كانت الظروف.
تحيّة لكل لحظة أعطى فيها فهد المشيقح نصره منه، وتحيّة لكل مرحلة مرّت على العاصمي الكبير ولم يغب فيها عنه الرجل الذي أعطاه منه قلبًا لا يتبدّل وروحًا لا تعرف الانقسام. مرحى لهذا النصر ولديه شخصًا تعبره الأزمنة دون أن يكون في غير موقع “العميد”.. كبيرٌ لا ينسى ومحبٌ لا يكره.