|


أحمد الحامد⁩
القراءة هي الحل
2021-04-27
يقول إبراهيم الفقي ـ رحمه الله ـ “من المحتمل ألا تستطيع التحكم في الظروف، ولكنك تستطيع التحكم في أفكارك، فالتفكير الإيجابي يؤدي إلى الفعل الإيجابي والنتائج الإيجابية “ كلمات ولا أروع منها، ولكن ماذا لو كانت هذه الأفكار التي أفترض أنني سيطرت عليها، ماذا لو كانت ضعيفة وغير نافعة، هل يجب على من يريد الأخذ بالمقولة السابقة أن يعرف أولاً كيف يفكر بصورة صحيحة؟
ثم إذا أردت أن أفكر بصورة صحيحة ألا يتطلب ذلك مني أن أكون واعياً؟ ألا يتطلب الحصول على الوعي وقتاً من القراءة والاطلاع؟ ألا تتطلب القراءة عقلاً منفتحاً لكي يطلع بمعنى الاطلاع العام والعميق وليس الاطلاع في اتجاه واحد ومن أجل التسلح للدفاع عن فكرة تم الإيمان فيها مسبقاً؟
في كل مرة أطرح فيها التساؤل عن كيفة الوصول إلى عقل سليم أجد أن القراءة هي الحل، على أن تكون منفتحة ومتنوعة، لا يحصل القارئ على المتعة فقط مقابل ما دفعه ثمناً للكتاب، بل يحصل على المعرفة أيضاً وهي الأبقى .
تعالوا معي في جولة يتحدث فيها بعض الكتّاب والمفكرين عن التأثير المهم والناتج من القراءة على عقل الإنسان، وكيف أنها ضرورة تشبه ضرورة ارتداء الإنسان للملابس، يصف الروائي الإيطالي أومبرتو إكو القراءة بأنها مثل أكسير الخلود الطويل “من لا يقرأ يعيش حياة واحدة حتى لو اجتاز السبعين عاماً، أما من يقرأ يعيش خمسة آلاف عام، القراءة أبدية أزلية” ليس بعيداً عما قاله أومبرتو ما قالته الكاتبة الأمريكية جويس كارول والحاصلة على جائزة الكتاب الوطنية الأمريكية عن كتب الخيال، تصف فائدة القراءة بأنها هي فقط من تضاعف حياتك أضعافاً مضاعفة وبعقول مختلفة “القراءة هي الوسيلة الوحيدة التي تحيينا حياة الآخرين، وتعطينا صوتهم، وتسكننا روحهم” أما نصيحة الروسي الكبير أنطون تشيخوف فليست لكسب متعة القراءة على كل ما فيها من متعة، بل لأنها تشكل العقل الذي سيدافع عنك ويفكر لك “من الجيد أنك تقرأ، اكتسب عادة القراءة فسيحين الوقت الذي تعرف قيمة هذه العادة”.
الداعية الشهير أحمد ديدات ـ رحمه الله ـ يحدد مصادر صحة وعقل الإنسان بأمرين وهما الأهم، صحة تبقيك في الحياة، وعقل يمارسها “ماذا عساها أن تكون القراءة إن لم تغسل المخ، نحن لسنا شيئاً آخر سوى ما نأكل وما نقرأ”.
الكاتبة والروائية بثينة العيسى ترى أن الحياة الجيدة هي التي تتمكن خلالها من القراءة، وأن القراءة من حقوق العقل عليك، العقل الذي تطالبه دائماً بأن لا يخذلك هو نفسه له حق رعايته وتغذيته “إن قدرتي على القراءة، على تخصيص وقت للقراءة، هي المؤشر الذي أعتمده لتقييم جودة الحياة، لأننا إذا فقدنا هذا الحق، الحق في الجلوس بصمت والقراءة، ستبدو الحياة مثل ركض مؤبد في عجلة الهامستر”.
سبق وقال لي أحد الذين اطلعوا على أسلوب حياة الأديب غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ، أنه كان إذا ما أراد الكتابة عن أمر محدد فإنه يسبقه بالقراءة المكثفة عن هذا الأمر، وقد قرأ عشرات الكتب عن الجن وعالمهم قبل أن يكتب حكاية “الجنيّة”.