|


أحمد الحامد⁩
مناطق في الطريق
2021-05-10
لا يمكن البقاء طويلاً في منطقة الندم على أشياء فعلناها ثم ندمنا عليها، ما فعلناه يشكل جزءًا من حقيقتنا يوماً ما، ومن الضروري أن نتقبل هذه الحقيقة ونضيف عليها حقيقة أخرى: سنخطئ طالما نعيش في الحياة وأن نتعامل مع الحقيقتين بما لا يضر مستقبل تصرفاتنا. تكمن الخطورة في البقاء نادمين أنها على حساب وقتنا وعلى كل ما قد ننجح فيه سواء من علاقات إنسانية أو إنجازات شخصية لأننا لا نتجاوز لكي نَمر ولا ننسى لكي نفرغ ذاكرتنا وتفكيرنا للقادم الجديد المفيد.
أفدح الأخطاء التي يرتكبها الإنسان في حق نفسه ليست تلك التي ارتكبها بل في التوقف عندها نادماً طيلة وقته على حساب ما تبقى من حياته. يظن الذي يعيش في ندم أن الآخرين مختلفين عنه وأنه ارتكب ما لم يرتكبوه وأن أخطاءهم مهما بلغت لا توازي حجم ما ندم عليه وهذا غالباً غير صحيح ولو اجتمعنا وتكلم كل منا عن أخطائه لأصبحنا في مسرحية لا تعرف فيها أتضحك أم تبكي .
كنت أفسر القوة تفسيراً ساذجاً وحصرتها في عدم البكاء في المواقف الحزينة واتهمت نفسي بالضعف وفسرتها أيضاً بالقدرة على الاندفاع وخلطتها بالحماقة لكنني ومع مرور الوقت اكتشفت أن أفضل أنواع القوة هي قوة التجاوز على أن يكون ما تجاوزته دروساً تشكل خبرتك وحكمتك وهذه الدروس هي ما تميز أصحاب الخبرة التي دفعوا ضريبتها بأخطائهم أولاً.
قبل أيام حصل الممثل أنتوني هوبكنز على جائزة أفضل ممثل عن فيلم الأب The father وكان قد فاز بنفس الجائزة العام 1992 عن فيلم صمت الحملان “the silence of the lamb “ وفي لقاء قريب أجراه هوبنكنز وهو يبلغ 83 عاماً سُئل إن كان نادماً على شيء أو أشياء طيلة سنواته الماضية أجاب هوبنكز إجابة أظنها هي التي مكنته من الفوز بجائزة أوسكار ثانية بعد أن فاز بالأولى قبل 30 عاماً أكتب لكم ما قاله وترجمة عبدالله الخريّف “لا.. لا أملك الوقت للندم، نحن نمضي قُدماً لأننا نتقبل حقيقتنا وليس ما يفترض أن نكون، أنا متقبل الواقع على ما أنا عليه وليس على ما يفترض أن أكون لأن هذه كذبة أنا مذنب.. ومذنب كبير وفعلت أموراً سيئة وجيدة ولذلك كما تعرف نعطي فرصة لأنفسنا تجاوز ذلك”.

جاهين يتساءل: في يوم صحيت شاعر براحه وصفا
الهم زال والحزن راح واختفى
خدني العجب وسألت روحي سؤال
أنا مت؟ ولا وصلت للفلسفة؟
عجبي.