|




تركي السهلي
ملامح التراجع
2021-05-31
انتهى كأس دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين في نسخته الثالثة، وطويت صفحة المراكز وبقيت التفاصيل الكثيرة لنحكي عنها ونطرح حولها الكثير من الأسئلة.
وفي العمق، علينا الاعتراف أن جائحة “كورونا” ضربت الصميم، لكنّها لم تكسر القاعدة، وأحالت كل شيء إلى “وجوم” لكنّ الحياة لم تتوقف. وأخذتنا القصص بدءاً من أغسطس 2020م حتى انتهاء مايو 2021م، ومرّ علينا نصف ودوري كامل وكأسا ملك وبطولتا آسيا للأندية الأبطال وأيام “فيفا” ومباريات منتخب وحجر وعزل وتباعد وكمامات تلفّ الوجوه. كانت إجراءات وتدابير مُضنية ومرهقة للجميع وكرة القدم تدور.. تدور معنا وبنا. ونحن أمام شاشة التلفاز نعقّم أيدينا ونغتسل ونسافر من مكاننا ونراقب كل شيء ونضع للصورة إطارًا. والواضح مع كل ذلك أننا تراجعنا على صعيد المنافسة والجذب وعلى جانب الضبط المالي ووسط المباريات كنَّا نسقط مع الاعتماد على الحكم المحلّي وأمورنا لم تكن على ما يرام. ففي حركة السوق العالمية بين اللاعبين والمدربين تكبّدنا خسائر هائلة. وفي مسلك الميزانيات والأموال الخاصة بالصرف الحكومي والتدبير الداخلي لكل ناد، أخفقنا ولم ننجح، وخرجت الأوراق ببعض أرقامها وغابت الأرقام الكبيرة والأسماء الكبيرة والعقود الكبيرة. نشطت الفايروسات الظاهرة والجهاز كان مشغولاً بمحاربة الفايروس غير المرئي. كانت أمامنا فرص متّسعة جداً لتطوير الحكم، لكنّ الاتحاد السعودي كان بطيئاً على نحو أكثر من اللازم. كان يتعامل مع الأمر على أنه “أزمة” لا على أنه فرصة استفادة وزمن نهوض. عادت الأسواق لتكبر في منطقة الشرق الأوسط ونحن نراجع الجداول، وبدأت الدوريات الآسيوية في الصين وغيرها تكبر ونحن نغرق في الاجتماعات واللجان. الأوروبيون يفكّرون في تنمية المسابقات وتغيير إيقاعها ونحن في الجدل الضيّق نتطارد. التقنية تغزو اللعبة الشعبية الأولى والعقل يأخذها إلى التسهيل والتسريع والابتكار والتطويع ونحن نضع عليها “فنّي مونتاج”. لا للتشاؤم نعم لكن لا للتعمية أيضاً ولا للقبول بالوقوف في وقت يجب علينا فيه أن نركض بكل سرعتنا وقوّتنا. علينا أن نعود أقوى.. نعم علينا أن نعود. خطر التراجع وشيك وبدأت ملامحه في الظهور، وهذا ما سيؤلمنا ويقضي على تميّزنا إن لم نتصدّى. التصدّي لكل مُعيق، وألَّا نخفي بنود الميزانية ومسطرة الدعم ومقص الزوائد وقلم التعبير. نريد أن نتقدّم وألَّا نكتفي بما قبل “الزمن الكوروني”.. نريد أن نقتل الميكروبات ونخلع الكمامة ونقلل التوجّس.. ونتعانق من جديد.