|


سعد المهدي
ذاكرة الكرة السعودية
2021-06-07
مسيرة طويلة أمضتها الكرة السعودية أندية ومنتخبات، محطاتها تعددت بين النشأة والتطور والركود والإنجاز والإخفاق، حمل مسؤوليتها رجال تولوا المسؤولية الرسمية وآخرون تطوعوا لخدمتها، أجيال أوصلوها مراتب عليا وأجيال أخرى أخفقت في صنع شيء، وبين هؤلاء وأولئك من مروا مرور الكرام.
هي كذلك في كل الدنيا وما ينطبق عليها هو نفسه في غيرها من المهن والمجالات، لكن تبقى الذاكرة عاجزة عن الاحتفاظ بكل شيء، والسبب يعود في بعض أحيانه إما للكسل والإهمال وعدم التقدير الكافي لأهمية ذلك، أو لعمليات العبث الممنهج الذي يهدف إلى إسقاط وإبقاء ما يراد في الذاكرة وهذا أخطر سبب.
السجلات وأدوات الحفظ الأخرى المادة الخام، وصدور المعاصرين وشهوده صندوق أسود، والجمع والتحقيق والتبويب والتصنيف أدوات، والأمانة ضمانة صدق ما يروى ويدوَّن، وتبقى أهداف الجامع المحقق المدون الراصد المؤرخ، تتأرجح بين الموثوقية والريبة، وعليه مسؤولية الفصل بينهما.
للكرة السعودية تفاصيل لا يمكن الإحاطة بها كاملة هذا صحيح، إلا أن حماية تأريخها من الدس والتحريف واجب على جهات عدة مسؤولية القيام بها، وتأريخ الكرة الذي يختزل في “عدد البطولات” لكل نادٍ هذا جزء مهم، لكن التأريخ لدخولها للبلاد ثم انتشارها بقعة بقعة وأنظمتها ومسابقاتها وأنديتها على يد من والظرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي آنذاك أهم ويؤسس لما بعده.
المكتبة الرياضية تحتفظ ببعض من هذا، لكنه جهد فردي وربما دُوِّن في ظروف لا تمكّن من قاموا عليه من إنجازه كما يتمنون، إما لضعف الموارد المالية أو المصادر وصعوبة البحث في تلك الظروف، ولو منحت لهم أو غيرهم الفرصة مجددًا من خلال تكليف من وزارة الرياضة وبدعم كامل، لربما يمكن أن تسد جزءًا كبيرًا من حاجتنا لذاكرة رياضية تبدأ بنشاط كرة القدم الذي بدأ أولًا وينتهي بكل الرياضات.
حصر التأريخ الرياضي في سجالات جمهور وإعلام يقزم من قيمة التأريخ الذي يكتب كذاكرة وطنية واجبة التحقق، تتحمل مسؤولية القيام بها الجهة الرسمية المعنية بهذا القطاع، وهي مهمة لا بد أن تأخذ حقها من التعاطي الجاد الذي يبعدها عن العرض المسرحي الذي يخضع لتفاعل الجمهور من حيث القبول أو الرفض، بل يجب ألَّا يسمح له أن يكون عملًا قابلًا للتجاذب أو للاسترضاء، إنما عمل رصين أمين يكون مرجعًا للباحثين والدارسين وطالبي المعلومة والمعرفة، إن أهمية الرياضة وتداخلها الوثيق مع المجتمع ودورها الرائد في المنجز والوحدة الوطنية، يستحق مثل هذا الاهتمام بتأريخها وتوثيقه.